تلقيت نبأ وفاة المرحوم - بإذن الله - أحمد سالم ولد ببوط، فور إعلانها، وذلك بسبب مجاورة منزل أحد أفراد عائلتي لمنزل الفقيد، حيث كنا نتابع حالته الصحية أولا بأول.
وقبل صلاة المغرب من يوم الثلاثاء الموافق 10 يوليو 2018 توجهت إلى مسجد ولد امحود في مقاطعة تيارت، حيث ستقام الصلاة على الميت وعند وصولي لاحظت امتلاء ساحة المسجد بالرجال والنساء من مختلف الأعمار ومختلف فئات المجتمع :
- القضاة والمحامون
- أساتذة الجامعة
- الأطباء والمهندسون، بسطاء الناس من عاطلين عن العمل، أصحاب الأعمال الصغيرة، ولاحظت على أعين الحاضرين بأنهم كادوا أن ينطقوا جميعا قوله تعالى : "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي ودخلي جنتي". صدق الله العظيم.
أثناء تحركي في ساحة المسجد، التقيت بالوزير السابق والحقوقي الكبير /عبد القادر ولد محمد، فصافحني معزيا وقائلا : فقد الصرح القانوني في موريتانيا أحد أركانه!! ينبغي على القانونيين في موريتانيا المبادرة إلى تأبين الراحل أحمد سالم ولد ببوط.
لقد أجمع العارفون بالمرحوم الذين التقيتهم، على أنه كان نادرا في كثير من الخصال التي تميزه عن غيره :
• كان حاد الذكاء سريع البديهة
• كان متميزا في انتاجه العلمي، كما يظهر على امتداد دراسته الجامعية التي تكللت بالحصول على درجة التبريز في القانون عن بحث بعنوان : "مساهمة المجلس الدستوري في إرساء القانون الإداري" وهي الرسالة التي تمت تحليتها بتقريظ من فقيه القانون العام البارز الأستاذ / جورج فيدل الذي كتب منبهرا : "منذ 25 سنة وأنا أشرف على رسائل إجازة الدكتوراه إلا أن رسالة أحمد سالم ولد ببوط، بعنوان "بحث حول إسهام المجلس الدستوري في إرساء القانون الإداري" تشكل استثناء من حيث الشكل فيما يتعلق بالصياغة والأسلوب ومن حيث الصرامة العلمية والدقة في الأفكار".
لقد كان الفقيد متميزا، ويعتبر رحيله خسارة لموريتانيا التي فقدت بوفاته نابغة في اختصاصه فهو في رتبة نوابغ الجيل الأول الذين سبقوه :
- الدكتور / جمال ولد الحسن
- الدكتور / يحي ولد حامدون
ومما يجمع بين هؤلاء النوابغ التقصير في حقهم في بلدهم، وشهرة صيتهم في الخارج
وحسب رأيي المتواضع فإن تأبين المرحوم لن يكتمل إلا إذا تضافرت جهود أصدقائه وأسرته نحو تأسيس هيئة يمكن أن تسمى "جمعية المرحوم الدكتور / أحمد سالم ولد ببوط" على أن تعمل هذه الجمعية على تحقيق الأهداف التالية :
1) جمع التراث العلمي للمرحوم وتصنيفه إلى :
1- رسائل أكاديمية مثل شهادته لدكتورا الدولة في القانون.
2- مقالات قانونية منشورة في مجلات علمية محكمة.
3- استشارات قانونية مقدمة إلى هيآت دولية (الاتحاد الافريقي...إلخ) وهيآت داخلية (الوزارة الأولى ووزارة الوظيفة العمومية..).
2) إغناء المكتبة القانونية باللغة العربية عن طريق ترجمة أبحاث المرحوم إلى اللغة العربية لكونه كان يحرر باللغة الفرنسية بسبب التكوين بهذه اللغة، وذلك عن طريق التعاقد مع دور النشر في الدول العربية حتى تتكفل بهذا الجهد
3) جائزة الدكتور أحمد سالم ولد ببوط للأبحاث القانونية :
إن تأبين المرحوم والقصد العام لجمعية أحمد سالم ولد ببوط ينبغي أن يكون "الإعلان عن جائزة باسم المرحوم.
إن تأسيس تلك الجمعية وإنشاء هذه الجائزة خطوتان تشكلان التأبين الحقيقي لفقيد الدولة الموريتانية التي كان المرحوم من كبار خدامها، بإخلاص وتواضع.
رحم الله فقيد العلم والأمة.
بقلم ذ/ محمد سالم ولد عبد الله الكوري