التراويح "20"
سورة "العنكبوت "
كانت حصة التروايح الليلة مفتتحة بالعنكبوت التي هي قبل سورة "الروم " بالمصحف وبعدها نزولا؛وذلك- والله أعلم - بمناسبتها لسورة القصص كثيرا ؛حيث ختمت القصص بإشارة لهجرته صلى الله عليه وسلم "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك " وجاء مايناسبها هنا "ياعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة " وهناك ذكرت نجاة موسى ومن معه من فرعون ؛وهنا ذكر نجاة نوح وأصحاب السفينة و"الغرق " مشترك بين المكذبين في القصص المذكورة ..
كما أن مايلاقيه أهل الإسلام بمكة حينها دون الذي فعله فرعون ببني إسرائيل جاء الحديث مفصلا؛تثبيتا ورفعا للمعنويات داخل المجتمع حينها .
بدأت بأخبار المنافقين وذلك تنزيل مدني ؛لتخلص السورة لقصة نوح "وإبراهيم" ولوط "وشعيب " تكرارا لخطاب قومهم "فماكان جواب قومه " ليفهم منها أولا :أنهم عشيرته ؛وثانيا :أن المصلح في المجتمع دوما له من يعارضه لحاجة في نفسه؛ثالثا:أن صاحب الهدف النبيل لا يكترث بالأقاويل والمعارضين .
وتبين ماعليه الأغلبية دوما من فساد الرأي والتدبير .
ونلحظ أن الصدق والاخلاص عاقبتهما محمودة "وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب "
لتنزل السورة من قصص علية القوم ورسل الله؛ إلى آيات الله في المفسدين "عادا وثمودا؛وقارون ؛وفرعون؛وهامان ؛والقاسم المشترك بينهم "فكلا أخذنا بذنبه "
وصولا للمثل الذي به اتسمت السورة "مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت " وفيه بيان واضح لضعف عقل من يجعل مع الله شريكا في خلقه وملكه وعبيده وكونه جل جلاله ..
تشريعا للمحاججة العلمية الحسنة "ولا تجادلوا أهل الكتاب " مع التصريح بمعجزة القرآن وصدقه "وماكنت تتلوا من قبله من كتاب ..."
لتختم السورة بحالة الدنيا وأهلها برا وبحرا وبيان ماعلى الناس فعله وأن الله مع المحسنين"وماهذه الحياة الدنيا إلا لهو ..."
إنه الوعظ في القصص والحكمة في الخبر ؛والإعجاز في اللفظ والتوجيه الذي لاغبار عليه لمن يلحظ ويسمع ويرى ...
سورة "الروم "
يرتل الإمام من سورة الروم حججا أجملت في القصة السابقة وهنا يفصلها كتاب الله تفصيلا ؛لترتبط أبواب الذهن برابط عقلي محير "ففي العنكبوت "فانظر كيف بدأ الخلق " وهنا "الله يبدؤا الخلق ثم يعيده " لتكون فاتحتها "الم غلبت الروم " في إشارة لتعاقب الأزمان ودولة الدهور أزمنة البشرية المتلونة المتعددة ..
وتكرر السورة قول الحق :"ومن آياته " تنبيها على آيات الله التي عددتها السورة كثيرا والتي منها " الأزواج ؛السماوات والأرض ؛واختلاف ألسنتكم وألوانكم؛منامكم بالليل والنهار؛البرق ؛المطر ؛قيام السماء والأرض بإذنه " وآيات ومنن من الله عز وجل يجب حمدها وشكرها وعبادة خالقها وعاطيها حق عبادته ...
وتأمر الآيات بالتوجه لله "وأقم وجهك " ثم الصلاة؛وتأدية منة المال حق أدائها "ذوي القربي والمساكين وابن السبيل " تخذيرا من الربا؛بسطا لبعض الآيات الكونية "السحاب ؛الرياح ؛
وهنا "الله الذي خلقكم من ضعف .." هذه المراحل هي ذاتها مراحل النمو العقلي والوظيفي والسياسي والأخلاقي؛
"وقال الذين أوتوا العلم والإيمان " القول المسؤول الناضج ذلك الذي يصدر من علم وتقوى وورع؛وغيره لا يؤتمن زيغه وحياده عن جادةالصواب .
لتختم السورة بهدفها الأصلي "فاصبر إن وعد الله حق ولايستخفنك الذين لا يوقنون "
ما أجمله من تثبيت ومساندة؛وتوجيه وتعليم ....
الدكتور:افاه ولد الشيخ ولد مخلوك