"عام ..متاح للجميع "/
التراويح "9"
سورة الأعراف سورة مدنية تعلق على أحداث وقعت بعد الهجرة النبوية الشريفة "غزوة بدر الكبرى " وتربي على منهج قدم له في السور الفارطة تقديما .
ففي السور الطوال الماضية في الترتيل وترتيب المصحف حدثنا ربنا جل جلاله عن "الطريق" الذي علينا أن نسلكه وكيف نثبت عليه إفرادا لربنا بالربوبية والألوهية جل شأنه؛نعبده من غير تردد؛نزين عبادته بالعدل والإنصاف والبرور والصدق والحفاظ علي الحقوق ؛وهاهي سورة "الأنفال " يبين فيها الخالق سبحانه أنه حتى تستقيم الطريق لابد من مبادئ للنصر؛والنصر لابدل له من مسلمات وبصائر يستبصر بها إليه :
1- "النصر من عند الله " هذا السبيل الرباني الذي على الفرد والجماعة والدولة والكون التسلح به وماخاب من فعل !
2- "ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها .." فالإستعداد مطلوب للقتال جالب للنصر ؛ومطلوب للتعلم والتجارة والتعايش والصداقة والبرور ...الخ .
وإن القرآن "المدني" لكثيرة أحكامه وتوجيهاته؛لذا ليست هذه السورة مجرد حكاية ولا خبر؛إنها تؤسس للتقدم والازدهار وتنقل المتتبع "للمصحف " من واقع معيشي معين لواقع أكثر منه إيمانا وقوة ودفاعا عن النفس ؛إن السورة التي تسمت بسورة "الأنفال " لتخاطبنا بالوحدة والمساواة والعدل تأمرنا بالفضائل والتعايش؛والبعد من الحرص على الماديات الجالبة للتفرقة؛وتنبه إلى لفتة ذكية عجيبة مفادها "أن المباشر للعمل؛قد يكون أكثر منه دور المشرف أو المراقب والمخطط ونحو ذلك؛ وتقاس عليه الدولة "الجند الخفي " والبيت "الفرد المنسي "
وإن اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم وأمر ربنا لهم بتقوى الله لهو عين البصيرة لمن كانت له بصيرة؛فالأمر بالتقوي لا أحد أكبر منه ولا أعز ولا أشرف ؛والخلاف سمة كونية بين أهل المبدئ الواحد والمشوروع وحتى أهل البيت الواحد ......
"كما أخرجك ربك من بيتك "
هذا ترتيب للمعركة يرشدنا إليه سبحانه في الأمور كلها آمرا بالتسلح النفسي لتلك الأمور "إذ يغشيكم النعاس ..." راشدا بالتعلق بالخالق جل جلاله فهناك يكون الفتح المبين "إذ تستغيثون ربكم ....."
ولكل مشروع بداية ونهاية؛كما أنه يجب على الفرد والجماعة تحديد الهدف بتحديد وجهته و أرضيته المناسبة "إذ أنتم بالعدوة الدنيا ..." وتكون الرحلة، والخطة تنتظر النتائج ."وماجعله الله إلا بشرى " فلم تقتلوهم ..." ومارميت إذ رميت "
ويلحظ أن النصر من عند الله وهو كذلك ؛فيفهم منه أنه بعد أن عبد حق عبادته وتمسك المسلم بسلوكياته الإيمانية وأقواله الدينية كان الله ينصره من حيث لا يعلم ويحتسب .
ثم بينت السورة الجانب الآخر من جنبات الطريق لأهل الإسلام بشكل تبيان لما حصل ويقال في المثل لدينا "اليسمع الا بأذنيه يعطيهم اطراش"
إن إرشادات السورة في نصفها الثاني لهي مادية بحتة ترتبط بالواقع والحيثيات المشاهدة التي لا يجب أن يغفل عنها عاقل في تدبير حياته وأموره العامة والخاصة
"وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا " تلك قيمة الأخوة؛وأيضا قيمة الفشل ؛فالأخوة شرطها الصدق والإيمان والتآخي لرتباطها بالله ورسوله وطاعتهما؛وغير ذلك صحبة في الترهات وصحبة في ..... ومصيرها الفشل غالبا،مالم تربط برباط الصدق والصراحة .
كما أن السورة تبين صفة المؤمن الصادق "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت ..."
وإن الآية "والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا " لتربط توازنا غريبا بين الوسائل الربانية والوسائل المادية إضاءة لسبيل الخير والنصر والتمكين .
والنداءات الستة بالسورة "يا أيها الذين آمنوا ..." لهي محفز لأصحاب المشروع بصدق هدفهم وتحركهم ؛وأن ماعلم لهم في السور الماضية عرفوه وتمسكوا به فكان النصر المبين يتجسد لهم واقعيا ويخاطبون بمقتضاه.
وماكان للسورة وهي تنير طريق النصر لتغفل عن أمور في غاية الأهمية لأي نصر وعزة "عدم إفشاء السر للعدو " لاتخونوا الله والرسول وتخونوا ..." مرورا بالأمر بالثبات؛واليقين بالقناعة والنتائج؛كما أن التراجع عن الهدف والمشروع أمر جالب للضعف والهوان والفقر حذر منه الله في الفرار من القتال؛والله يعلم وأنتم لا تعلمون .
ثم ألا يلحظ اهتمام ووصية بذوي القربى "واعلموا أنما غنمتم ...ولذي القربى" لأن المال والإشراك فيه مجلب للمودة والتآلف والتآخي .
وكان تكرار الوصية على الصلاة والإنفاق"الذين يقيمون الصلوة وممارزقناهم ينفقون " وختمت السورة بذكر الأرحام حفاظا وترسيخا لاستقرار المجتمعات والبيوت والأخوة
وحيث جعل الله لكل منتصر في الحرب أعداء؛ جعل لكل ناجح حسدة ومثبطين؛فجاء الحديث مبين لخلجات نفوسهم وتفاصيل حركتهم
@براءة من الله ورسوله @
يتواصل بحول الله ...
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك