ولد المسرح الموريتاني مع ميلاد الدولة اي مابين عامي 1658 1960م مع ظهور ما عرف بفرقة الكيكوطية على يد مؤسسها المرحوم همام فال وقد انتهجت هذه الفرقة منهاجا يتخذ من السخرية وسيلة ومن الضحك هدفا ولاكنها كانت تقدم مسرحا على الأقل يخضع لمفهوم خشبة وجمهور وممتلين وكان يحضر هذه العروض الوزراء.
حتى رئيس الجمهورية وبعد إنقلاب 10يوليو1978 وبفضل مجيئ العسكر تم القضاء على الفعل الثقافي عموما والمسرحي خصوصا وتعاقبت الإنقلابات وظل المسرح مدثرا بلحاف الخوف من بطش العسكر ويذكر في هذه الأثناء بغض الشطحات التي ط كانت تقدم بين الفينة والأخرى ومن ابرز هذه الأعمال نذكر على سبيل المثال : مسرحية مملكة العقل الواحد لمخرجها سالم دندو وكان ذالك في التسعينات من القرن الماضي في هذه الفترة بالتحديد بدأ ميلاد ماعرف بظاهرة المسرح الشعبي وهي ظاهرة تمجد النظام الحاكم وتسعى للضحك من اجل الضحك كما انها ظاهرة فرجوية لاتخضع لقواعد المسرح المتعارف عليها .
كما أن رواد هذه المجال في الغالب يتسمون بالضعف الأدبي والتعليمي وساد هذا النوع وغاب المسرح الجاد الذي يوجه ويقود ويمقت التملق حتى سنة 1992حيث التحول الديمقراطي الذي شهدته البلاد انئذ بدأت محاولات لأيجاد مسرح محترم يؤسس لفعل ثقافي عموما ومسرحي بالخصوص وولدت فرق ثقافية منها غرناطة شنقيط الخلاص الى غير ذالك من الفرق الأخرى ولاكن يذكر في هذا المجال ميلاد جمعية التواصل التي كانت من اكثر الفرق المسرحية مشاكسة وحماسا لخلق مسرح متميز يحمل في ثناياه الوطن بكل تجلياته وظلت كذالك عقدا من الزمان وقد جايلتها عدة فرق واندية حذت حذوها من ابرزها نادي الإحياء ونذكر هنا ان ظاهرة المسرح الشعبي ظلت صامدة تجتر علاتها بعيدا عن مفهوم التطور بل على العكس من ذالك ساهمت تلك الظاهرة في تشويه صورة المسرح بما تقدمه من هرطقات لا معنى لها وللأمانة فإن عودة بعض المختصين في المسرح ومن ابرزهم بابه ولد ميني شكلت منعرجا فاصلا في تاريخ الحركة المسرحية الموريتانية حيت رسمت ملامح جديدة لمسرح يوازي المسرح المعاصر في العالم ويحمل تطلعات الشعب .
وهنا بدأ التحول الجذري وفي بداية العشرية الثانية من الألفية الثالثة اجتمع ابرز المشتغلين في مجال المسرح معلنين ميلاد جمعية المسرحيين الموريتانيين والتي حملت ولا زالت تحمل المسرح الى آفاق جديدة من حيث الشكل والمضمون في تجربتي الشخصية محطات عديدة منها الفوز بعدة جوائز في الاسبوع الجهوي ولاكن ابرز محطة كان الفوز بجائزة العرض المتكامل في اول نسحة من المهرجان الوطني للمسرح المدرسي شعرت اننا خلقنا مسرحا راقيا ومحترما على هذه الأرض .
اما حب المسرح فقد لازمني مذ كنت طفلا في المرحلة الإبتدائية أثناء الأعمال المدرسية احببت تلك العروض الصغيرة ولازمني حبها ليصبح حبا للمسرح وشغفا به نحن الآن قيد التحضير للمهرجان الوطني للمسرح المدرسي في نسخته السابعة والذي تنظمه جمعية المسرحيين الموريتانيين وهو من اكبر الفعاليات المسرحية في البلد ويعتبر المدرسة الوحيدة التي يتخرج منها الممثلون في هذه البلاد
مسرحية حبل غسيل هي عمل مميز في تاريخ الحركة المسرحية من ناحية الشكل من ناحية الطرح من ناحية الأداء ومن ناحية الموضوع وحتى من ناحية اللغة ولا اعتقد انه بالضرورة في كل عشرية تولد مسرحية مميزة في موريتانيا. ففي القريب ان شاء الله سنقدم افضل منها اعتقد ان معركة المسرحيين في موريتانيا هي كسر النمطية المترسخة لدى المجتمع عن المسرح والمسرحيين حيث مازال اغلب المجتمع يرى المسرح فنا دونيا وانه هزل قصد الهزل فقط واشياء كهذه على الرغم من وجود ذائقة راقية اوجدتها جمعية المسرحيين لنفسها الا النظرة السلبية مازالت قائمة والسبب جهل المجتمع بالمسرح مما لا شك فيه أن غياب الدعم الحكومي وغياب بنى تحتية من دور عرض متخصصة ومعاهد للفنون الجميلة وجامعات وغياب التكوين و انعدام المختصين في الجهات الوصية على المسرح.
كل هذه الأسباب مجتمعة شكلت عائقا امام مسرح يحمل موريتانيا الوطن موريتانيا الحلم موريتانيا التاريخ موريتانيا المستقبل الى اصقاع العالم فنا راقيا يليق بنا من اجل تطوير المسرح يجب ايجاد معاهد للفنون الجميلة بناء دور عرض مختصة استجلاب متخصصين من الخارج دمج المسرح في المنظومة التربوية انشاء صندوق دعم خاص بالمسرح ادراج المسرحيين في الجهات الوصية على المسرح يوجد ممثلون يعيشون شخصيات تقمصوها واغلبهم شعبيون يستخدمون هذه الشخصيات للتملق والبحث عن فتات الموائد واشياء لا تليق بما ان المسرح فن يتجاوز اللغة الى العمق فإنه الوسيلة الأسلم والأقدر على جمع مجتمع متعدد الأعراق كموريتانيا حيث نخاطب كمسرحيين روح المجتمع لا لونه ولا عرقه وهنا تكمن قوة المسرح وضرورته في هذا المجتمع.
محمد عزيز فنان / مسرحي موريتاني