سيعقد البرلمان الموريتاني جلسة علنية اليوم الجمعة عند الساعة الخامسة مساء لنقاش مشروع تعديل المادة 306 من القانون الجنائي، وهي مناسبة لتنبيه السادة النواب الى ضرورة تدارك الثغرات التالية:
1-بالنسبة للردة القابلة للتوبة، كان المعضل أن التعزير الذي يصار اليه في حالة قبول التوبة لايتعدى حبس سنتين، فكان النص يقول : (وإن تاب قبل تنفيذ الحكم عليه رفعت قضيته بواسطة النيابة العامة إلى المحكمة العليا، وبتحقق هذه الأخيرة من صدق التوبة تقرر بواسطة قرار سقوط الحد عنه وإعادة ماله إليه،وفي جميع الحالات التي يدرأ فيه الحد عن المتهم بالردة يمكن الحكم عليه بالعقوبات التعزيرية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة)، والفقرة الأولى تنص على حبس أقصاه سنتان
لكن النص الجديد حذف هذه الفقرة، واكتفى بقوله (كل مسلم ارتد عن الإسلام صراحة، أو قال أو فعل ما يقتضي أو يتضمن ذلك، أو أنكر ما علم من الدين ضرورة، يحبس ثلاثة أيام، ويستتاب أثناءها، فإن لم يتب حكم عليه بالقتل كفرا وآل ماله إلى بيت مال المسلمين)، ولم يتحدث عن الحالة المعاكسة التي يتوب فيها المرتد
وتطبيقا لمبدأ الشرعية القاضي بأنه لاعقوبة إلا بنص، سيصبح حكم المرتد الذي تاب البراءة، وبعبارة أخرى كنا أمام نص يعاقب المرتد بعد توبته بحبس تعزيري أقصاه سنتان، فأصبحنا أمام نص يبرئ المرتد بمجرد اعلان توبته
2-أضاف مشروع التعديل فقرة وحيدة تتعلق بعقوبة الساب، وجعلها القتل بغض النظر عن التوبة، لكنه غفل عن الإشكالات الأخرى الكثيرة في هذه المادة والتي كثيرا ما يثيرها التطبيق، فهي من أكثر المواد إثارة للجدل بين القانونيين، والمحاكم شاهدة على ذلك
3-من الإشكالات التي كانت -وستظل بعد التعديل- أن المادة اوردت جريمة الردة دون أن تفصل في انواعها واختلاف ظروفها المشددة، فالردة قد تصاحبها المجاهرة والدعوة الى التخلي عن الدين فتكون ظرفا مشددا،- في حالة درء الحد عن مرتكبها- يتعين تشديد العقوبة التعزيرية عليه، بخلاف ما لو ارتد دون أن يجاهر أو يدعو للإرتداد
4-من الإشكالات أيضا أن التعديل لم يحدد اجراءات الإستتابة ودرء الحد بها، وجهة الإختصاص في كل ذلك، بل إن التعديل حذف الفقرة المتعلقة بالتوبة قبل تنفيذ الحكم ، كما حذف الفقرة المتعلقة بالعمل في حال توبة المرتد أثناء الإستتابة مما يزيد الإشكال إشكالا
5- من الإشكالات أيضا أنها لم تحدد المقصود بانتهاك حرمات الله غير الداخل في جرائم الحدود، هل المقصود الانتهاك الذي هو من جنس الحدود (كمقدمات الزنى مثلا)، أم المقصود عقاب كل معصية (كالكذب مثلا) دو أن يتم حصرها، ومدى انسجام كل ذلك مع مبدأ الشرعية (لاعقوبة إلا بنص)
6-مصادقة البرلمان على مشروع قانون يضيف عقوبة الإعدام حدا، يجب أن يكون مصحوبا بقدر من الشجاعة يمكن الحكومة من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في الحدود، بدل الإصرار على تعطيلها، وإلا فإن النص سيبقى مجرد نوع من العبث البارد، وقلم المشرع يجب أن يصان عن العبث