الحمد لله المُبِينِ أيْدُه، المَتينِ كيدُه، المُهَيْمنِ وَعْدُه، المَهِينِ عدُوُّه.
ثم الصلاة والسلام على من أخرجنا من الظلمات إلى النور، وأفاء علينا الظِّل بعد الحَرور، بإذن ربه الشكور الغفور. آخر الأنبياء دهرا، وأعلاها يوم العَرْض ذِكْرا، جليل القَدْر، عظيم الخَطْر، الطاهر المُطهَّر، والطَّيِّب المُطيَّب، سليل قُحَاح المجد، ومَسيل قَرَاح الجَدّ : أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، حشرنا الله تحت لوائه، وجعلنا مِن تَبَعِه وأوليائه.
أما بعد فقد أُلقي إليّ، وانتهى إلى بصري مكتوب منشور على مَوْقع (مراسلون)، مُوَقَّعٌ باسمِي : (موسى ول عبد الفتاح)، قد اشتمل على ردّ على الشيخ الطِّرْف، والمُعَمَّم الرِّدْف : محمد الحسن بن الددو، في شأن الوضوء من لحوم البقر.
فأُحيط كل من رآه عِلما : أنني لم أَشهَده، ولا أَمَرْتُ بنشره على الموقع المذكور آنفا، ولا سَرَّني ذلك؛ بل آذاني؛ لِمَا فيه من شدةٍ ورَهَق كان اللين أوْلى منهما، و الزمانُ أَلْوَى بهما.
وهذا المقال المنشور كنتُ زَبَرْته منذ سنينَ مع إخوة له، ثم نَزَعْتُ عن كل ذلك، وارتأيت أنّ الأَوْلى والأصلحَ طَمْرُه وطمْسُه؛ فالِاجتماع أَولى من الفُرقة، وليس يَعدَمُ مؤمنٌ مِنْ مؤمنٍ عُلْقة، وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال : 46]. والشيخُ ( محمد الحسن) قد شهد له الرُّتُوتُ من علماء بلدتنا -كالعلامة عدود ونظرائه- بالعلم، مُعتَّقا بالحِلم.
وهو كغيره : بشر غير معصوم، يصيب ويخطئ. والنصيحةُ إن جازتِ السرَّ استحالت تشهيرا. نسأل الله أن يُلهمنا الحُجَّة، ويُثَبِّتنا على المَحَجّة.
وعليه فإنني أُوذِن كل من يقف على مكتوبي هذا : أنني نازعٌ عن كل ما فَرَط مني -في حق الشيخ النبيل : محمد الحسن بن الددو- مِن إساءة غيرِ مَأْمُومة، ولا كانت بالمُتعمَّدة.
كما أُنْذِر كل من يتدبر كلامي هذا : لهُو في حرَج حَرِيج، من حكاية تلك (المقالات) عني، أو بَثِّها بيْن الناس؛ فلا آذَنُ، ثُم لا آذَن، ثُم لا آذَن.
وإنما كانت سوانحَ أو بوارحَ نشَرْتُها على صفحتي الخاصة من أمَد، لم أظنَّ أن تَبْلُغ ما بلغتْ، ولا قدَّرْتُ أن يَطِير بها كل مُطِير، وإني بها اليومَ لشَحِيحٌ أَنِيح.
ألا وإني أَستحل في مقامي هذا كلَّ مُسلم آذيته أو سبَبْتُه أو ظَلَمتُه، وأرجو أن أَلْقَى الله وليس في عنقي مَظلِمة لأحد، كما أسأله -جل وعز- المغفرةَ والزُّلْفى، والرحمة الجُلَّى، وأن يجعلني والشيخَ محمد الحسن بن الددو وجميعَ الإخوة والخِلاّن -من المُدْخَلِين في قوله عز وتقدس : وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِين (47) [الحجر : 47].
كما أَهْتِفُ بكل من وقف على بعض تِلْكم (المقالاتِ) إن كانت وقعت عينه ثَمَّ على خَلل إملائي أو نحوي : أن يَغُض الطَّرْف، ويَنشُرَ العَرْف؛ فلم يكن ذلك عن إغفالٍ لمعارفِ القوم، ولا خلْطا للإشمام بالرَّوْم، وإنما سَدِر بصري إذ جَهِلتُ معالجةَ الحاسوب، فاشتبهت المَقْهاءُ بالرُّعْبوب.
ألا وإن لكل شاب صبْوة، ولكل حكيم هفوة، ولكل جواد كبوة، وإنما يَعجِم المرءَ الخُطوب، بعد أن تسْتفزّه السُّهوب.
ثم ليعلم من اطلع على كَلِمي هذا : أنني لا أنضوي تحت لواء فِرْقة، وليس في عنقي لطائفة رِبْقة. "وقد عَرَف بَطْني بَطْنَ تُرَبَه"، وعَرَّفتُ إلا في عُرَنَه.
أما إني لست سلفيّا ولا إخوانيّا ولا تبليغيّا ولا بعثيّا ولا طُرُقيّا، ولكنْ : "حنِيفيٌّ مسلم"؛ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قَيِّمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين (161) [الأنعام : 161].
وما ليَ عن قول الله -عز وجل- مَزْحَل، وليس لي عنه متقدَّم ولا متأخَّر : هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِين [الحج : 78]. لا أبغي بها بدلا، ولا عنها حِوَلا.
أسأل الله أن يُلْزمنا التقوى، ويَلُزَّنا بسببها الأقوى.
وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.