
دار نقاشٌ في أحد المقاهي بالعاصمة بين عددٍ من المتابعين للشأن العام حول القرارات الأخيرة التي اتخذها صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بعد صدور تقرير محكمة الحسابات.
وقد حاول بعض المتحدثين تفسير تلك الخطوات بتأويلاتٍ وقراءاتٍ متباينة، استند أغلبها إلى أحاديث غير موثوقة وشائعات متداولة في الشارع.
فقد قال أحد الجالسين بنبرة الواثق:
“إن هذه القرارات لم تكن سوى استجابة لتقريرٍ سري أرسلته جهات خارجية تهدّد بوقف التعاون مع موريتانيا بسبب الفساد.”
حينها تدخّلتُ موجهاً إليه السؤال المباشر:
“هل اطّلعت بنفسك على هذا التقرير السري؟ فالأمور السرّية في بلدنا قليلة جداً، ولا تُبنى عليها الأحكام بهذه السهولة.”
فردّ قائلاً:
“لا، لكن سمعت أحدهم يقول إنه سمع من مصدرٍ موثوق…”
قلت له بهدوءٍ ولكن بحزم:
“تبني مواقفك على رواية من سمع من آخر؟ ثم تتحدث وكأنك تملك وثائق؟!”
تدخّل ثالث قائلاً إن الحكومة فوجئت بحجم ردّ الفعل الشعبي على التقرير، وإنها اضطرت للتحرك تحت الضغط.
فقلت له بوضوح:
“التقرير لم يُسرَّب بل نُشر رسميًا كما ينصّ القانون. ومحكمة الحسابات لم تنتظر من يأمرها بالنشر، بل قامت بواجبها الكامل، بدعمٍ وتشجيعٍ من السلطات العليا. فالحكومة لم تُفاجأ، وإنما مارست دورها الطبيعي في تطبيق توجيهات فخامة الرئيس المتعلقة بالشفافية والمساءلة.”
وحين حاول أحدهم التقليل من أهمية الخطوات الأخيرة قائلاً:
“كل هذا مجرد زوبعة لتهيئة الحوار السياسي.”
كان ردي قاطعًا:
“الحوار الذي دعا إليه فخامة الرئيس لم يكن وليد أزمة، بل نابع من إرادة إصلاحية واضحة ورغبة في تعزيز المشاركة الوطنية. وأغلب القوى السياسية التي أعلنت انخراطها لم تضع أي شرط مسبق، لأن الحوار هذه المرة خيار طوعي لا استجابة لاحتقان.”
وختمتُ النقاش بالقول:
“لنترك التخمينات جانبًا، ولنُثمن هذه الخطوات الوطنية في مكافحة الفساد، لأن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أعلن بوضوح أنه لن يكون ظهيرا للمفسدين، وأمر بتمكين مؤسسات الرقابة من أداء دورها بكل استقلالية وفاعلية.”
انتهى الحديث، وبقيت القناعة الراسخة أن زمن الغموض والشائعات قد ولّى، وأن دولة القانون والشفافية أصبحت واقعًا يُترجم بالأفعال لا بالأقوال.
المصطفى الشيخ محمد فاضل

