إيجاز صحفي
نظم المشروع الوطني مساء أمس 8-إبريل -2018 بالمتحف الوطني اللقاء الاجتماعي الثاني؛ تحت عنوان:"مدونة الأسرة في موريتانيا بين القانون والمجتمع".
و أنعش الندوة كل من:
الدكتور محمد المامي مولاي إعل عضو الهيئة الوطنية للمحامين
والدكتور سيدي بياده الباحث المتخصص في علم الاجتماع.
وخلال إدارته للندوة حرص الدكتور خالد عبد الودود- أحد أعضاء جيل التأسيس للمشروع الوطني- على تبيان رؤية المشروع الوطني كتجربة كانت وستظل مستقلة لا تحمل تبعات الاصطدام السياسي، مضيفا:" إننا نحلم كثيرا لكننا في المشروع الوطني نبذل قصارى جهدنا لمأسسة الحلم ووضعه حيِّز الفعل بعد عقود من الانتظار".
الدكتور ولد مولاي إعل بدأ عرضه بتوضيح أن المدونة المعمول بها في البلد هي مدونة الأحوال الشخصية الصادرة بتاريخ 19 يوليو 2001، وهي حريصة على تطبيق المذهب المالكي؛ ويضيف الدكتور أنها ناتج صراع السلطة الذكورية السلطوية مع الأطراف المتضررة وفق قوله.
وقال الدكتور محمد المامي إن العلاقات الاجتماعية تجعل القانون العرفي أقوى من كل القوانين؛ بدليل أن سلطة المجتمع منعت تطبيق عدة قوانين كإبرام عقود الزواج أمام مراكز استقبال المواطنين " الحالة المدنية"، وكذلك في غالب الأحيان ترفض الزوجة رفع دعوى مطالبة بنفقتها ونفقة أطفالها، تماما كرفض الزوج رفع دعوى نشوز على زوجة لم تعد تريده.
بدوره أكد الدكتور سيدي بياده أن هذه المدونة ماتزال تصطدم بثوابت المجتمع؛ فالمجتمع الموريتاني- يضيف ولد بياده- لم يصل إلى درجة من الوعي تجعله يخاف العقاب وينتظر الجزاء، حيث أن العشيرة تظل لحد الآن هي الملجأ والراعي لكل فرد من أفراد المجتمع؛ وهنا يشتد تجاذب السلطتين القانونية والاجتماعية ليطغى سلطان المجتمع على القانون، فمثلا ترى نظرة المجتمع أن تسجيل الزواج رسميا ماهو إلا نوع من استحالة الانفصال والتمسك بشريك لم يعد مرغوبا فيه.
وأشاد الدكتوران في عرضيهما بالتجربة المغربية في مجال قانون الأسرة وصرامته وكيفية تطبيقه.
وتناوب على منبر التعقيب عدة متدخلين شكلوا مختلف الطيف الاجتماعي الموريتاني؛ حيث أوضحت السيدة آمنة منت المختار رئيسة جمعية معيلات الأسر ماتراه نقصا في محتوى مدونة الأحوال الشخصية تمثل في معارضتها لتحديد ثلث مال الزوجة كحد أقصى لما يمكنها التبرع به، وكذلك استنكارها لضرورة أخذ الزوجة الإذن للسفر بأبنائها.
وختمت منت المختار مداخلتها بأن زواج الأطفال مازال منتشرا وأن الزواج أصبح صفقة تجارية والخاسر فيها دوما المرأة.
وفِي مستهل مداخلتها ثمّنت الوزيرة السنية منت سيدي هيبة جهود المشروع الوطني وتنوع لقاءاته؛ داعية المجتمع المدني ككل للسير وفق نهج المشروع.
وعرجت منت سيدي هيبه على قانون الأحوال الشخصية واصفة إياه بالمقاوم المنيع وذلك لما شهده من مراجعات من حين لآخر.
وكانت للوزيرة عدة مآخذ على مدونة الأحوال الشخصيةً وطالبت بإضافة علماء اجتماع فيما يتعلق ببند الإجراءات الإدارية بغية تحقيق نظرة عصرية لهذه الإجراءات.
المحامي بونه ولد الحسين قال إن الزوجة الراشدة أولى بتسيير أموال أبنائها الأيتام ؛ في إشارة إلى أن لها الحق في التصرف في مالها كله.
وفِي معرض حديثه عن النموذج المغربي قال ولد الحسين إن السن القانوني للزواج تظل نسبية، وختم مداخلته باستنكاره الشديد للإكراه على الزواج.
أما الحقوقي أحمد صمب فال فقال:" إننا كقانونيين فجدير بنا أن نلتزم بالمصطلحات فلا وجود في القانون الموريتاني لمايعرف بمدونة الأسرة؛ وأشار إلى تأخر صدور مدونة الأحوال الشخصية ورغم ذلك يشيد بها لاعتمادها على المذهب المالكي لأن المجتمع يدين بدين واحد ومذهب واحد وهذا إيجابي - يضيف ولد صمب فال- ولا يحيل إلى التهرب من الحقوق، فالشريعة الإسلامية تحرص على حفظ الحقوق وإنصاف المرأة.
وأوضح الحقوقي أحمد أن الدولة والمجتمع يحميان الأسرة وفق ماهو وارد في الدستور.
وطالب المجتمعَ المدني بالتوعية والتحسيس حول تطبيق القوانين بدل المطالبة بسن قوانين جديدة فَالمدونة تضم 313 مادة لو أنها طُبقت لتقدمنا بشكل ملحوظ وفق قوله.
كما دعا الجهاتِ الوصيةَ على التعليم إلى تدريس مدونة الأحوال الشخصية في المدارس الابتدائية.
الطالب الجامعي وعضو المشروع الوطني موسى عمر وصف المدونة بأنها مجرد ثلاثة أقفاف من " الشيخ خليل" ونصف قف من التركة.
وعدد عدة مواد من المدونة تؤكد أن المجتمع الموريتاني في وادٍ والقانون في وادٍ آخر من أهمها المواد (56- 9- 152).
وأضاف أن المدونة حذفت كل مايتعلق بالرق، وطالب بتحديد مادة تلغي الرّق.
وعرج موسى على التعدد من المنظورين الاجتماعي والقانوني داعيا إلى أن الشريعة عليها أن تهذب القانون.
أما المحامي المختار ولد محمد فقال إن المدونة تقنين للمذهب المالكي؛ وحدد النقاط الحمائية للمدونة في كونها تتدخل بعد الطلاق حماية للطرف الضعيف ( المرأة- الطفل) في مجالي النفقة والحضانة.
وخلص المحامي إلى أن شرط تطور المجتمع يكمن في التحلل من عباءة المحافظة سبيلا وحيدا للخروج من هذه الاشكالات ولكن هيهات.
وكانت مداخلة الفقيه الشيخ المهدي ولد محمد الأمين ختاما مسكا لمجمل المداخلات الْيَوْمَ وتساءل استنكاريا" لماذا تُستنبط الأحكام من المذهب المالكي فقط!!".
ليسدل الستار على فعاليات الندوة بعد تكريم الضيفين المحاضرين من طرف المشروع الوطني وذلك بمنحهما درعين تذكاريين تثمينا لجهودهما.
وكان المشروع الوطني قد نظم لقاء اجتماعيا أولا من ضمن لقاءاته التي تنوعت بتنوع عطائه.