جولة جديدة لقادة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة تختلف في سياقاتها الزمانية والسياسية عن الجولات السابقة لقادة القطب المعارض الأبرز في موريتانيا، فالجولة الجديدة تأتي في ظرف سياسي فتحت فيه الأغلبية صفحة سياسية لم تتبلور معالمها بعد، لكنها أعطت رسائل عديدة بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي بالنسبة للمنتدى، فأما الإيجابي فهو إعلان الرئيس محمد ولد عبد العزيز بشكل واضح وصريح عزمه احترام الدستور، وعدم الترشح لمأمورية رئاسية أخرى، وأما السلبي فهو تصريح الرئيس أنه لن يخرج من المشهد السياسي وهو تصريح ينظر إليه المنتدي بكثير من الريبة خوفا من استخدام وسائل الدولة ومقدراتها لتمرير السيناريوهات التي تخدم الرجل وأركان حكمه وشركائه السياسيين في المستقبل خاصة أن أنظار الرئيس اتجهت مؤخرا إلي إصلاح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذراع السياسي الأهم للرئيس وهو شروع فعلي للتحضير لمرحلة ما بعد 2019 حسب ما يقول قراء الطالع السياسي .
علي وقع هذه الأجواء السياسية الساخنة وفي ظل هذه المتغيرات الحساسة نزل قادة المنتدى إلي الولايات الشرقية قلوبهم مطمئنة علي مغادرة شخص الرئيس في العام المقبل لكنها وجلة في الآن ذاته من تكرار سيناريو 2007 .
الوضعية إذن بالنسبة للمنتدى تحتاج لمزيد من العمل الدؤوب ورص الصفوف من أجل كسب رهان الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة ولن يتحقق ذلك إلا من خلال التوافق على مرشح واحد تلتف حوله مختلف أقطاب المنتدى المعارض وهذا الشرط يبدو تحقيقه لحد اللحظة "صعب المنال "نظرا لتباين مواقف التشكيلات داخل المنتدى ونظرا أيضا لاختلاف بعضها أيديولوجيا وفكريا ينضاف إلي ذلك تجاوز بعض القادة المعارضين البارزين للسن القانونية للترشح .كالزعيمين أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير .
قد يجد المنتدى آذانا صاغية لخطابه المنتقد للسلطة في عام رمادة يضرب فيه الجفاف بأطنابه كافة أرجاء البلاد في ظل عجز الحكومة عن توفير الحاجيات الضرورية للمنمين في ولايات الداخل الذين أرغمتهم الظروف على الهجرة بمواشيهم إلي دولتي مالي والسنغال المجاورتين، لكن التركيز على أخطاء الحكومة وعجزها لا يكفي لوحده من أجل ضمان كسب رهان 2019 فتاريخ المنتدى مع النقد طويل ولم يمكنه من تسجيل أهداف ضد المنازع أو لنقل بشكل صريح ضد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، فالرجل سبق وأن عجزت المعارضة "المنسقية"عن ترحيله يوم أن اتخذت هذا الشعار مطلبا في ظل انطلاق ما سمي الربيع العربي وعجزت عن الإجماع على موقف مقاطعة الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة كانت المعارضة تحمل شعارات وخطابات لكنها لم تكن تحمل رؤية استيراتيجية واضحة للمستقبل