النائب الداه صهيب يكتب : محمد ولد الشيخ الغزواني والعبور بالقارة نحو المستقبل: عام من العمل..

سبت, 15/02/2025 - 18:01

 

حين تسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئاسة الاتحاد الإفريقي في فبراير 2024، كانت القارة تقف عند مفترق طرق، بين آمال واعدة وتحديات متشابكة. لم يكن المنصب مجرد كرسي فخري في قاعة المؤتمرات، بل كان مسؤولية كبرى تتطلب بصيرة ثاقبة وإرادة صلبة، وها هو يطوي عامًا مليئًا بالحراك الدبلوماسي، حيث تجولت راية إفريقيا بين المحافل العالمية، وشهدت أروقة الاتحاد مشروعات نهضوية تسعى لتثبيت أقدام القارة على درب التنمية والاستقرار.

إفريقيا في قلب العالم: تحدي الحوكمة العادلة..

منذ الأيام الأولى، رفع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني شعار "إفريقيا تستعيد مكانتها"، مدافعًا عن حق القارة في التمثيل العادل في النظام الدولي. ففي عالم تتسارع فيه التحولات، لا يمكن لإفريقيا أن تبقى مجرد متفرج على طاولة الكبار، بل يجب أن يكون لها صوت مسموع في القرارات التي تحدد مستقبلها. ومن هنا، جاءت جهوده في إصلاح الحوكمة العالمية، مدفوعًا بقناعة أن العدالة الدولية تبدأ بإعطاء القارة حقها المستحق في المؤسسات الكبرى.

الطاقة... نور في دروب التنمية

في قارة ما يزال أكثر من 600 مليون نسمة يفتقدون إلى الكهرباء، جاءت مبادرة 300 مليون إفريقي، التي أطلقها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، نبراسا في ظلمة الفقر الطاقوي. المبادرة تهدف إلى توفير الكهرباء لثلث سكان القارة بحلول عام 2030، فاتحة بذلك أبواب النمو الاقتصادي، وتحسين التعليم والخدمات الصحية، وتمكين القرى النائية من الدخول في عصر التكنولوجيا والاستدامة.

إفريقيا في مجموعة العشرين: حلم طال انتظاره

طالما كانت إفريقيا الضيف المستمع في المحافل الاقتصادية الكبرى، لكن خلال رئاسة الغزواني، دخل الاتحاد الإفريقي رسميًا إلى مجموعة العشرين، ليجلس بين الدول الكبرى ليس كمراقب، بل كشريك في صناعة القرار الاقتصادي العالمي. هذا الانتصار الدبلوماسي لم يكن مجرد تمثيل رمزي، بل خطوة حقيقية نحو تعزيز المصالح الإفريقية في عالم تتحكم فيه التكتلات الاقتصادية.

نواكشوط... عاصمة الفكر والتربية

في مشهد يجسد رؤية جديدة للقارة، شهدت نواكشوط انعقاد قمة "التعليم من أجل المستقبل"، حيث اجتمع رؤساء دول ووزراء ومثقفون وخبراء لمناقشة سبل بناء نظام تعليمي عصري، قادر على صناعة جيل يقود إفريقيا نحو التقدم العلمي والاقتصادي. كانت هذه القمة بمثابة إعلان ميلاد جديد لموريتانيا كعاصمة للثقافة والتربية في القارة.

وسيط بين الأشقاء المتخاصمين..

لم تكن رئاسة الاتحاد مجرد سلسلة مؤتمرات، بل كانت أيضًا رحلات وساطة في خضم الأزمات، حيث حمل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني معه راية السلام إلى ليبيا، جامعًا الفرقاء حول طاولة الحوار، في محاولة لرأب الصدع وإعادة الاستقرار إلى بلد أنهكته النزاعات. فكما كانت موريتانيا قديمًا جسرًا بين الشمال والجنوب، أراد رئيس الجمهورية أن يكون للاتحاد الإفريقي الدور ذاته في تقريب وجهات النظر بين الدول المنقسمة.

الطريق إلى المستقبل... ماذا بعد؟

مع انتهاء ولايته، لا تزال آثار رئاسته واضحة، ليس فقط في الأرقام والمشروعات، بل في الإحساس المتزايد لدى الشعوب الإفريقية بأن القارة بدأت تكتب فصلًا جديدًا في تاريخها. ربما لم يكن عامًا كافيًا لحل جميع الأزمات، لكنه كان بداية لإفريقيا جديدة... أكثر استقلالية، أكثر قوة، وأكثر حضورًا على الساحة الدولية.

محمد ولد الشيخ الغزواني: القائد الذي حمل هم القارة

قد يمر القادة، وتتغير الأسماء، لكن بعض الفترات تبقى محفورة في الذاكرة كمنعطفات تُعيد تشكيل مسار الأمم. ربما تكون رئاسة الغزواني للاتحاد الإفريقي واحدة من تلك اللحظات التي ستذكرها الأجيال القادمة، كعلامة فارقة على طريق القارة نحو مستقبل أكثر إشراقًا.

تصفح أيضا...