
أوان تولي موريتانيا رئاسة الاتحاد الإفريقي، لم يكن الأمر مجرد تتويج دبلوماسي عابر؛ بل كان تعبيرًا عن ثقة القارة في قدرتها على قيادة مسار العمل الإفريقي المشترك، وتجسيدًا لنهجٍ قائم على الحكمة والاتزان والتخطيط الاستراتيجي.
الآن ومع انتهاء العُهدة القارية الحافلة بالإنجاز، يمكننا أن نقف وقفة تأمل في حصيلةٍ سياسية ودبلوماسية أكدت أن موريتانيا، بقيادة صاحب الفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، قد نجحت في حمل راية إفريقيا في واحدة من أكثر الفترات حساسيةً في تاريخها.
جاءت رئاسة موريتانيا للاتحاد في لحظة دقيقة، حيث تواجه القارة الإفريقية تحديات متشابكة، من الأزمات السياسية والأمنية إلى التحديات الاقتصادية والاضطرابات الجيوسياسية.
موريتانيا المستندة على نهج صاحب الفخامة الرئيس غزواني القائم على الحوار والتوافق، استطاعت أن تلعب دور الوسيط العاقل الذي يُقدم حلولًا؛ لا تزيد الأزمات تعقيدًا، بل تفتح لها آفاقًا للحل.
بحق؛ مثلت هذه الرئاسة فرصة ذهبية لتعزيز قيم التضامن الإفريقي، وترسيخ العمل المشترك على أسس أكثر واقعية وفاعلية.
وتمكنت موريتانيا من تقديم رؤية تجمع بين التوازن السياسي، والإيمان العميق بمبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية، وهو ما جعلها شريكًا موثوقًا في مختلف الملفات المطروحة على طاولة الاتحاد.
فمن خلال دبلوماسيتها الهادئة وفاعليتها المتواصلة، تركت موريتانيا بصمة واضحة في العديد من القضايا الكبرى، من أبرزها:
- تعزيز السلم والاستقرار في القارة: عبر الدفع بمبادرات المصالحة ودعم جهود الوساطة في عدد من النزاعات الإفريقية، تأكيدًا لنهج يؤمن بأن التنمية لا يمكن أن تزدهر إلا في بيئة آمنة ومستقرة.
- تحفيز التعاون الاقتصادي الإقليمي: حيث شهدت القارة خلال هذا العام خطوات متقدمة في تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية، وتعزيز التكامل الاقتصادي كأحد الحلول الجوهرية لمشكلات الفقر والهشاشة الاقتصادية.
- التركيز على الأمن الغذائي والتغير المناخي: باعتبار موريتانيا من الدول التي تواجه هذه التحديات بشكل مباشر، عملت خلال هذه الفترة على إبرازها في المحافل الدولية، وجلب اهتمام أكبر لدعم سياسات تنموية مستدامة في القارة.
- تعزيز الحضور الإفريقي على الساحة الدولية: حيث شهدت إفريقيا خلال هذا العام اهتمامًا متزايدًا من القوى الكبرى، وشاركت القارة بفعالية في رسم سياسات عالمية جديدة، وهو ما يعكس دورًا متناميًا لموريتانيا في تعزيز صوت إفريقيا في الساحة الدولية.
لم يكن النجاح الذي حققته موريتانيا خلال هذه الرئاسة وليد الصدفة، بل هو ثمرة نهج صاحب الفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي استطاع أن يقدم نموذجًا للقيادة الإفريقية المتزنة، التي تدرك أن قضايا القارة لا تُحل بالشعارات، بل بالعمل الجاد والمسؤولية الجماعية.
لقد أدار القائد صاحب الفخامة غزواني هذه العهدة برؤية بعيدة المدى، متجاوزًا الحسابات الضيقة، ومؤكدًا أن إفريقيا ليست مجرد سوق للتنافس الدولي، بل هي قارة تمتلك إمكانيات هائلة تحتاج إلى إدارة واعية لاستثمارها.
إن مغادرة موريتانيا لرئاسة الاتحاد الإفريقي لا تعني انتهاء تأثيرها، بل هي بداية لمرحلة جديدة من العمل الإفريقي المشترك، حيث ترسخ موريتانيا موقعها كفاعل رئيسي في قضايا القارة، مستندةً إلى سجلٍ من النجاحات وخبرةٍ في إدارة الملفات الكبرى.
ختاما؛ كانت رئاسة بلادنا لاتحاد قارتها شهادة على أن موريتانيا قادرة على أن تكون في قلب القرار الإفريقي، وأن إفريقيا، بقيادة حكمائها قادرةٌ على رسم مسارها بنفسها، متحررة من التبعية، وماضية بثقة نحو مستقبلها المشرق والواعد بإذن الله.
أحمد محمد الدوه
آديس آبابا
15 فبراير 2025