لقد تلقيت بشرى ترشيح بلادنا للدكتور سيدي ولد التاه لينال تزكية مساهمي البنك الأفريقي للتنمية كرئيس لهذه المؤسسة المالية العريقة، وأتمنى له التوفيق في نيل ثقة يستحق في رأيي أكثر منها، كما أتمنى أن يكون له في ذلك الخير والبركة، ولا أخفي هنا أن هذا الترشيح من أكثر قرارات قيادتنا الوطنية في رأيي توفيقاً وصواباً.
وبهذه المناسبة السعيدة، فإنني أحرص على أن أدلي بشهادة في حق الدكتور سيدي ولد التاه، وليست هذه الشهادة عن الخلق الرفيع للرجل الذي عرفته منذ نعومة أظافرنا والبشاشة لا تفارق محياه ولا عن تواضعه، إذ أنك لا تميز بينه وبين مرؤوسيه أثناء العمل. كما أن هذه الشهادة ليست عن قسطه من المكون الآخر للسر المعروف ،لقد عشت معه وقائع تصلح أن تكون أدلة على ذلك.
شهادتي هذه منصبة على الصعيد المهني البحت، وتحديداً عن فترة قيادته للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، و ليست سردية إنشائية بل حقائق معززة بالأرقام.
عندما تم اختيار الدكتور سيدي ولد التاه مديراً عاماً للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا في منتصف العقد الماضي، ومقره آن ذاك مدينة الخرطوم، شاءت الأقدار أن تكون هذه المدينة المثلثة، أقال الله عثرتها، قد أصبحت سنوات قبل ذلك هي مقر عملي في المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وكانت للمصرف والمنظمة علاقات تعاون تليدة بحكم انتمائهما لمنظومة العمل العربي المشترك، وبحكم تولي المنظمة تنفيذ جزء من أنشطة المصرف في أفريقيا، وكان شخصي المتواضع يتولى الإشراف على هذه الأنشطة باسم المنظمة.
هذا الموقع جعلني شاهداً على حقبة قيادة الدكتور سيدي ولد التاه للمصرف من موقع يجمع في آن واحد بين الصبغة الداخلية بحكم روابط العمل الوثيقة بين المؤسستين، والصبغة الخارجية لاستقلال المؤسستين عن بعضهما.
ومن موقع المطلع المتابع رافقت الإصلاحات الكبرى التي عرفها المصرف في هذه الفترة والنقلة النوعية التي شهدها حتى أصبح ليس من المبالغة إذا قلنا إن المصرف أصبح اليوم مؤسسة أخرى غير تلك التي استلمها الدكتور سيدي ولد التاه قبل بضع سنين.
وأقدم فيما يلي نماذج من هذه الإنجازات وأعتقد أن من يتأملها ويمعن النظر فيها سيدرك صدق وتجرد ما أقوله:
1- الرفع من حجم العمليات التي تتم المصادقة عليها سنوياً (قبل الدكتور سيدي ولد التاه كانت مبالغ القروض ضئيلة لا تتجاوز في حجمها 10 ملايين دولار ولا يتجاوز مجموعها 200 مليون دولار سنوياً)، وتم الرفع تدريجياً ليبلغ سقف القرض الواحد 20 مليون دولار ثم أصبح 50 مليون دولار ويتجاوزها في بعض الحالات، إلى أن تم مؤخراً إلغاء السقف المسبق للقروض واستبداله بمؤشرات تتعلق بالبلد واقتصاده وطبيعة المشروع والمخاطر المرتبطة به، كما تم بالتوازي مع ذلك الرفع من مخصصات القروض للقطاع العام، حيث مرت من 200 مليون دولار إلى حوالي 500 مليون دولار في 2024، بعد الحصول على الموافقة من مجلس الإدارة بتخصيص موارد إضافية.
2- - تنويع وتكثيف التدخلات في البلدان المستفيدة، وخلق ديناميكية جديدة عبر الاستجابة أكثر فأكثر لطلبات الدول، بحيث سيبلغ إجمالي القروض لفائدة مشاريع القطاع العام مليار دولار في 2025.
3- تمويل عمليات جديدة لم تكن مألوفة في المصرف عبر المساهمة في زيادة رأس مال عديد المؤسسات المالية الأفريقية (بنك غرب أفريقيا للتنمية، الصندوق الأفريقي للتضامن...).
4- تعزيز الشراكات مع الدول والمؤسسات النظيرة، وإبراز المصرف كشريك موثوق به، ويعتمد عليه في دفع عجلة التنمية في أفريقيا.
5- زيادة رأس مال المصرف من 5 مليارات دولار إلى 20 مليار دولار، ودخول السوق المالية وإصدار صكوك بقيمة 500 مليون يورو لأول مرة في تاريخ المصرف.
6- الترقيم السيادي المشرف جداً والمتألق للمصرف الذي تحصل عليه من ثلاث مؤسسات دولية رائدة في المجال، وما سيفتحه ذلك من آفاق وما سيكون له من أثر على عمل المصرف وعلى تحسين المحفظة والتسريع في وتيرة السحب.
7- رفع الغلاف المخصص سنوياً لعمليات العون الفني بـ 50٪ ليبلغ 15 مليون دولار سنوياً.
8- دعم عمليات القطاع الخاص والتجارة الخارجية بموارد تتجاوز بكثير مخصصات القطاع العام، وأحداث إدارات خاصة لكل من القطاع الخاص والتجارة الخارجية.
أحمد سالم ولد أحمد
مدير إدارة التدريب والدراسات والاستشارات بالمنظمة العربية للتنمية الزراعية،
المشرف على البرنامج العربي للتميز في بناء القدرات في التقنيات الزراعية والبيئية الحديثة في المنطقتين العربية والأفريقية،
الرباط
المملكة المغربية،
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤