نحو استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات / النوها بنت محمد صالح

أحد, 22/09/2024 - 12:43

 

تغمرني السعادة وأنا أشهد الاهتمام المتزايد الذي بدأت الدولة الموريتانية إلى جانب الرأي العام توليه لموضوع خطر المخدرات وضرورة محاربتها وتجفيف منابعها والذي اتمنى ان يكون اهتماماً دائماً لا موسمياً، هذا الموضوع الذي لطالما كان في صلب اهتمام منظمة "نور القمر للتعبئة الاجتماعية" على مدار السنوات الماضية، حيث لم ندخر جهدًا في تسليط الضوء على خطورة هذه الآفة التي تشكل تهديدًا كبيرًا لمستقبل الشباب وبنيتنا الاجتماعية.

إن النية الملحوظة لدى الدولة وبدافع قوي من الرأي العام الوطني لتضييق الخناق على الاتجار بالمخدرات محليًا تعد خطوة إيجابية ومشجعة، ولكنني مازلت اعتقد أن الاعتماد على المقاربة الأمنية وحدها لن يكون كافيًا لمعالجة هذه المشكلة بعمق، فمكافحة المخدرات هي مسؤولية جماعية تتطلب مشاركة كافة القطاعات المجتمعية وهنا يبرز على سبيل المثال دور المؤسسات التعليمية التي يجب أن تلعب دورًا محوريًا في التوعية المستمرة بخطر المخدرات عبر برامج تربوية تعتمد على أسس علمية واجتماعية واضحة، كما لا يمكن إغفال أهمية المؤسسات الدينية في توجيه المجتمع، خصوصًا فئة الشباب وارشادهم نحو التمسك بالقيم الأخلاقية والابتعاد عن كل ما يضر بصحتهم ومستقبلهم.

إضافة إلى ذلك يجب أن تكون برامج إعادة تأهيل المدمنين جزءًا أساسيًا من أي استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات، فهؤلاء الذين وقعوا ضحية هذه الآفة يحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي من أجل مساعدتهم على العودة إلى حياتهم الطبيعية ودمجهم في المجتمع كمواطنين فاعلين، إن تقديم برامج إعادة التأهيل الفعالة من شأنه أن يقطع الطريق أمام إعادة السقوط في فخ الإدمان ويسهم في بناء مجتمع متماسك وقوي.

وعلى ضوء ذلك نحن في "منظمة نور القمر للتعبئة الإجتماعية" ندعو السلطات المختصة وهيئات ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بمكافحة المخدرات إلى صياغة استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات تبنى على محاور مترابطة سوف تساهم في خلق واقع معزز ومرجعية ننطلق منها جميعا حتى لا تبقى الجهود مشتته ويبقى الخطر قائماً، ولعلنا في "منظمة نور القمر" كنا قد استبقنا هذا العصف الذهني باقتراح لبعض هذه المحاور وهي المساهمة التي يمكن ان نقترحها في ما يتعلق بهذا الصدد وهي كالتالي :

١. محور التوعية والوقاية:

-رفع مستوى الوعي حول مخاطر المخدرات عبر حملات توعوية مستمرة.

-تعزيز دور التعليم والإعلام في نشر الثقافة الوقائية.

٢. محور تعزيز الرقابة والمواجهة الأمنية

-تحسين الإجراءات الأمنية لمكافحة تهريب وتوزيع المخدرات.

-تعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية.

٣. محور العلاج وإعادة التأهيل

-توفير مراكز علاج وتأهيل للمدمنين.

-تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمدمنين وأسرهم لضمان عودتهم للمجتمع.

٤.محور التشريعات والتنظيم

-تحديث القوانين المتعلقة بمكافحة المخدرات وتطبيقها بفعالية.

-تشديد العقوبات على الاتجار بالمخدرات.

٥.محور التعاون الدولي والإقليمي

-تعزيز التعاون مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية لمكافحة التهريب.

-تبادل المعلومات والخبرات مع الجهات الدولية.

٦. محور التعليم والتدريب

-إدراج برامج تعليمية متخصصة في المناهج المدرسية حول مخاطر المخدرات.

-تنظيم دورات تدريبية للمعلمين والمربين حول التعامل مع حالات الإدمان.

٧. محور البحث والدراسات

-تطوير قاعدة بيانات وطنية حول معدلات الإدمان والاتجار بالمخدرات.

-دعم الدراسات الميدانية لفهم أبعاد المشكلة وإيجاد حلول مستدامة.

٨.محور تعزيز الروابط الأسرية والمجتمعية

-توعية الأسر والمجتمعات المحلية بدورها في الوقاية من المخدرات.

-تقديم استشارات ودعم للأسر التي تعاني من تأثير المخدرات.
٩.محور التنمية الاقتصادية والبدائل

-توفير فرص عمل وتدريب للشباب المتعافي من الادمان كبديل عن الانخراط في الأنشطة غير القانونية.

-دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تستهدف الفئات المهمشة.

في الختام ارغب في التذكير بان الاتفاق على "استراتيجية وطنية" سوف يساهم في خلق رؤية واضحة للتعامل مع جميع مراحل خطر المخدرات واقصد هنا من الإتجار إلى مرحلة دعم المتعافين من الإدمان، وتآخي الجهود وتضافرها سوف يبقى دائماً هو السبيل الوحيد لنا جميعاً نحو موريتانيا مزدهرة وقوية ونحو مجتمع متماسك ومستقر، والخير كل الخير لجهود الطيبين والخيرين من أبناء شعبنا الكريم الراغب في وطن شامخ بين الأمم والشعوب.

النوها محمد صالح

النوها محمد صالح
رئيسة منظمة نور القمر للتعبئة الوطنية

تصفح أيضا...