يعد التعاون الصيني العربي أحد أهم حلقات النظام الصناعي والاقتصادي العالمي، إذ تعتبر الصين مصنع العالم وسوقه الرئيسية، بينما تعد البلدان العربية المصدرالرئيسي للنفط والغازأوالدم الذي يجري في شريان الصناعة، حيث تستورد الصين حوالي نصف حاجتها من النفط، وحوالي ربع حاجتها من الغاز المسال من الدول العربية، كما تعد الصين الشريك التجاري الأول للدول العربية بحجم تبادل تجاري بلغ العام المنصرم 2023 حوالي 400 ملياردولار.
لكن العلاقات التجارة التقليدية التي شكلت محورا حيويا ورابطا قويا بين العرب والصين منذ القدم لم تعد تلبي تطلعات وآمال الشعبين الصديقين العربي والصيني المشروعة في التنمية والإزدهارخاصة بعد مرور20 عاما على تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي الذي شكل إطارا، ومنصة لتعميق الحوار، ورافعة قوية للعمل الجماعي المشترك والمنسق العربي الصيني، حيث أصبحت اليوم جميع الدول العربية أعضاء في مبادرة الحزام والطريق، كما تمت إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأربع دول عربية، وعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين و10 دول عربية، هذا بالإضافة إلى انضمام 17 دولة عربية إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، و3 دول عربية إلى مجموعة بريكس، كما حظيت 6 دول عربية بالإنضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصفة شريك حوار.
هذه التطورات تحمل في طياتها حسم توجه العرب شرقا بعد أن بات القرار العربي أكثر بعدا وأقل ارتهانا للقرارالأمريكي، كما تعكس مدى رغبة الصين في التعامل مع الدول العربية ككتلة واحدة، حيث انبثقت عن المنتدى منذ تأسسيه سنة 2004 حوالي 85 وثيقة ختامية شكلت أساسا صلبا للتعاون، و19 آلية للتعاون تغطي كافة المجالات.
وقد شكل الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي في بكين بحضور فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، وقادة أربع دول عربية محطة هامة تؤرخ لنقطة تحول جديدة في العلاقات بين الجانبين العربي والصيني، و ترسل رسالة إلى العالم مفادها أن العلاقات العربية الصينية قد تجاوزت علاقات التجارة التقليدية إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية، ولم تعد تقتصرعلى النطاق الثنائي والإقليمي بل ستلعب دورا بارزا في بناء عالم جديد أكثر عدالة و أمنا عن طريق تسريع بناء مجتمع المصير المشترك العربي الصيني في العصر الجديد.