قال وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوك إن الصين تعتبر من أكبر داعمي قضية العرب والمسلمين الأولى قضية فلسطين.
وأضاف في خطاب ألقاه خلال الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، أن الصين برهنت على ذلك مِرَارًا كما وقع في مجلس الأمن في جلسة 18 ابريل الماضي في التصويت لصالح مشروع قرار منح الدولة الفلسطينية العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ويوم 10 مايو الجاري في تصويت الجمعية العامة على أهلية الدولة الفلسطينية لهذه العضوية.
وأشاد ولد مرزوك بالتنسيق بين المجموعة العربية في الأمم المتحدة والصين حول مختلف القضايا.
وتناول ولد مرزوك في خطابه تاريخ التعاون الاقتصادي والعلاقات العربية الصينية في المجالات الاقتصادية.
وعرج على التعاون الموريتاني الصيني على مدى 59 عاما مبرزا دور الصين في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لموريتانيا من خلال إنجاز وتمويل العديد من المشاريع الحيوية في البلاد.
نص الخطاب
الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني
كلمـــــــــــة
معالي السيد/ محمد سالم ولد مرزوك
وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج
رئيس مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري ( الدورة 161)
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
معالي السيد/ وانغ يي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية؛
أصحاب المعالي الوزراء؛
معالي السيد/ أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية؛
أصحاب السعادة؛
السادة والسيدات،
يسعدني أن أُشَارِك صديقي عضوَ المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية السيد وانغ يي، شَرَفَ افتتاح الجلسة العاشرة للاجتماع الوزاري للمنتدى العربي الصيني الذي نحيي هذا العام الذكرى العشرين لتأسيسه.
ولا يَسَعني في هذا المقام إلا أن أُسْدِيَ جَمِيلَ الشكر وخالص الامتنان إلى دولة الصين الصديقة قيادة وحكومةً وشعبًا، على حُسن الاستقبال وكرم الضيافة، مُشِيدًا بحُسْن تنظيم هذه الدورة وما تم توفيرُه لها من أسباب النجاح.
السادة والسيدات
إن منتدى التعاون العربي الصيني الذي تأسس سنة 2004، يُشَكِّل مِنَصَّةً مِثالية للتباحث حول سُبل تعزيز التعاون والتفاهم بين دولنا العربية وجمهورية الصين الشعبية، ولمناقشة التحديات المختلفة التي تعترض سبيلَ تحقيق أهدافنا المشتركة.
ويعودُ مصدر قوته الأساسي إلى كونه يَسْتَلهِم تُراثا غنيا من العلاقات بين العالم العربي والصين وتاريخا طويلا مشتركا من التبادل الثقافي والتجاري منذ أيام طريق الحرير.
فلقد شَهِد القرنان السابع والثامن الميلاديين، على وجه الخصوص، علاقات نَشِطَةً بين الحضارتين العربية والصينية، حيث كان التجار العرب يتوجهون إلى المدن الصينية حاملين بضائعَ متنوعة مثل العُطور والجواهر والأدوية والمنتجات الزجاجية، ليعودوا مُحَمَّلين بالخَزَف والحرير والشاي والمسك.
وقد نقل العرب الفنون الصينية مثل صناعة الورق والبَوْصَلة والطباعة إلى الغرب، مما ساهم في النهضة الأوروبية. وكان لِتبادل عشراتِ السفارات بين العرب والصين، في تلك الفترة دورٌ بارز في تعزيز التفاهم والتعاون المثمر بين الجانبين؛
ونَذْكًر من بين هذه السفارات، إرسالَ الخليفة أبو جعفر المنصور سفارة إلى الصين، واستقبالَ بغداد بعثاتٍ صينيةً خلال عهد الخليفة هارون الرشيد.
وفي العصر الحالي، عرفت العلاقات العربية الصينية تطورا كبيرا، على كافة المستويات الثنائية ومتعددة الأطراف، وأصبحت الصين اليوم أكبرَ شريك تجاري للدول العربية مُجْتمِعَةً والمُستثمرَ الأول فيها. وتتجلى الأهمية التي تًولِيها بلداننا لهذه العلاقات في حضور قادة بارزين من دولنا لأعمال دورتنا هذه.
وإن بلادي، موريتانيا، تربطها، منذ 59 عاما بجمهورية الصين الشعبية، صداقة تاريخية وعلاقات قوية من التضامن والتعاون في كافة المجالات؛ وقد كان للصين دور بارز في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لموريتانيا من خلال إنجاز وتمويل العديد من المشاريع الحيوية في البلاد.
كما شكَّلَتْ الزيارة التي أداها في يوليو الماضي فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لجمهورية الصين الشعبية بدعوة من فخامة الرئيس الصيني السيد شي جي بينغ، لحظةً مهمة في سجل المشاورات وتنسيق المواقف بين قائدي البلدين حِيَال القضايا الإقليمية والدولية، ومؤشرا على الاستعداد المشترك لرفع مستوي التعاون بين البلدين إلى أرحب الآفاق.
وفي هذا السياق، اسمحوا لي أن أؤكد لكم دعمَنا الكبير للمبادرات الهامة التي أطلقها فخامة الرئيس شي جي بينغ مثل مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، وحِرْصَنا على المشاركة النشطة والفعالة في مبادرة " الحزام والطريق".
السادة والسيدات
إن ما شَهِده العالم منذ تأسيس المنتدى العربي الصيني، من تحولات في عديدِ المجالات، وما حَمَلَتْه الخمسية الأخيرة، بوجه خاص، من تطورات وأزمات متلاحقة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والصحية والأمنية، يعزز قناعتنا بضرورة تطوير التعاون متعدد الأطراف القائم على الاحترام المتبادل والتقيد بالقانون الدولي وبمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
ولا شك في أن انخراط الدول العربية في مبادرة الحزام والطريق الصينية يعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية في المجالات الاستراتيجية مثل التعليم الجيد وتأهيل وتشغيل الشباب وتطوير البنى التحتية والخدمات الاجتماعية المختلفة، بما يحقق الفوائد المتبادلة للجانبين ويُلَبِّي شروط التنمية الشاملة المستدامة.
إذْ لا يَخْفى على أحد أن الصين قد تَمَكَّنَتْ، خلال السنوات الأخيرة، بفضل حكمة قيادتها ونجاعة سياساتها، من تحقيق نمو هائل في مختلف الميادين، وتَبَوَّأَت بذلك مركزا مِحْوَرِيا في التوازنات الدولية الكبرى وريادةً مشهودة في الدفاع عن القضايا العادلة في العالم وعن السلم والأمن والاستقرار الدوليين.
والحقيقة أن العلاقات بيننا والصين، قائمة على قَواسِم مشتركة ومصالح متبادلة وتطابقِ وجهات النظر في أهم القضايا الإقليمية والدولية؛ فالصين تعتبر من أكبر داعمي قضية العرب والمسلمين الأولى، القضية الفلسطينية. وقد برهنت على ذلك مِرَارًا كما وقع في مجلس الأمن في جلسة 18 ابريل الماضي في التصويت لصالح مشروع قرار منح الدولة الفلسطينية العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ويوم 10 مايو الجاري في تصويت الجمعية العامة على أهلية الدولة الفلسطينية لهذه العضوية.
وفي هذا المقام نذكر بأن المجموعة العربية ظلت، بِدَوْرها، ثابتة على موقفها الداعم لمبدأ الصين الواحدة.
كما أن المجموعة العربية وجمهورية الصين الشعبية تشتركان في الدعوة إلى إصلاح منظومة الأمم المتحدة والهيكل المالي الدولي، بما يعزز تعددية الأطراف ومصداقية وفعالية الحكامة الدولية في مواجهة التحديات، ويَصُون كذلك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة مثل المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل النزاعات سلمياً.
السادة والسيدات،
لا تزال إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال في فلسطين، تواصل منذ أزيد من 7 أشهر حرب إبادة مُمنهجة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، وفي تحدٍّ صارخ وسافر لمبادئ القانون الدولي والقانوني الدولي الإنساني ولكل الأعراف والقيم الأخلاقية والإنسانية، دون أن يَلُوح في الأفق أملٌ في وضع حد لهذه المأساة الإنسانية غير المسبوقة.
إن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية لفرض الوقف الفوري لحرب الإبادة الجماعية الجارية وتوفير متطلبات الحياة الكريمة للنازحين، وإعادة المهجرين إلى مواطنهم الأصلية، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ورفض تهجيره خارج وطنه، والعمل على إيجاد حل نهائي مستدام للقضية الفلسطينية.
وينبغي للحل المنشود، أن يستند إلى المبادرة العربية والقرارات الدولية ذات الصلة، بحيث يضمن للشعب الفلسطيني كافة حقوقه المشروعة، والاعتراف بدولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، والقبول النهائي بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
ولا يفوتنا أن نجدد، هنا تثميننا لموقف جمهورية الصين الشعبية الصديقة الثابت من القضية الفلسطينية، وتعويلنا عليها كقوة وازنة في المجتمع الدولي، للدفع باتجاه الوصول إلى هذه الأهداف التي على تحقيقها يتوقف أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط الذي يشكل شرطا أساسيا ومحوريا للأمن والسلم الدوليين.
السادة والسيدات
اسمحوا لي أن أشكر المندوبين وكبار المسؤولين في دولنا ومسؤولي الحكومة الصينية وفريق جامعة الدول العربية على العمل المُنَسَّق والمتميز الذي أنجزوه، خصوصا ما يتعلق بإعداد مشاريع البيان والإعلان والبرنامج التنفيذي الطموح 2024 ــــــــ 2026. وهي وثائق تعبر بصدق عن تصورنا المشترك لمجمل القضايا المعروضة على جَمْعنا الموقر.
واسمحوا لي، ختاما، أن أجدد الشكر باسم المجموعة العربية للسلطات الصينية على حسن تنظيم هذه الدورة التي نتطلع إلى ما سيتمخض عنها من نتائج مهمة تساهم في تعزيز الشراكة المثمرة للجانبين وللعالم أجمع.
وأتمنى لأعمال منتدانا النجاح والتوفيق، وشكرا لكم والسلام عليكم.
2