لو قال لي أحد قبل 15 سنة إنني سأعود ذات يوم إلى العمل السياسي، لم أكن لأصدق ذلك. طوال هذه الفترة، فكرت في السياسة وتمعنتُ خطها وخطابها وأنشطتها كلها - موالاة ومعارضة- ولم أستطع أن أصدق يوما واحدا أنني سأعود إليها.
كنت أرى في الموالاة كتلة وصولية غير صالحة لأن تكون أداة تنمية وبناء، بل وأكثر من ذلك، كنت أرى أنها قد تشوه السياسة والسياسيين بما يطبع فعلها من إطناب وإسهاب ومبالغة ونفخ في الكلام يجعلها أكثر ضررا على الرؤساء من المعارضة نفسها. و كنت أرى أن المعارضة، هي الأخرى، غير قادرة على التغيير ودفع البلد إلى الأحسن بسبب الركود والتصلب والجمود. حرمت نفسها آليات التجديد والنهوض، وابتلاها الله بالجمود والعقم والركود. وهجرها الناس و نفد الوقود.
ولهذه الأسباب، بقيت في المنزل سنين عددا، مراقبا ومستقلا وملتزما موقف التجرد والحياد. وقلتُ ذات يوم في نفسي لنفسي وأنا أشاهد الناس يتدافعون ويتسابقون للانتساب في حزب upr:
حَدْ اغْـنَـاهْ ألله ؤُ وَساهْ @@ إگـدْ إرِيـحْ أمْنَ اتْلحليــحْ
مـاهُ طالبْ تَعْيِـينْ إراهْ @@ ؤُلاهُ طالبْ تَرْشيحْ؛ إِريحْ !
قلت هذا "الگاف" ونشرته على جدار هذه الصفحة بتاريخ 18-4-2018. وبعده بأقل من ثلاثة أشهر ذهبت إلى رئاسة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات يوم 20-7-2018. واعتزلت الخوض في الشأن السياسي مطلقا، وذلك التزاما للقسم واحتراما لواجب التحفظ. ابتعدت عن الساحة نهائيا. وخلصت لكتابة مذكرات، وحديث الأربعاء، وطرف وحكايات من هنا وهناك، إلخ.. ومع ذلك، لم تسلم موالاة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من ضرباتي و سهامي في مناسبات عدة، أذكر منها: انتقادي للهجرة إلى "تشيت" مع الرئيس وشل حركة الادارة بمناسبة تنقلات الرئيس، قلت يومذاك، في 20-1-2023:
هذا الخلق ألِّ فرْ @@ دافع نافد تشيتْ
عندُ فَالدّفعَه سرْ @@ من مذالُ والهَيتْ
و ظللت أنتقد بشكل ناعم وسلس و صقيل نشاط الموالاة وحزبها الرئيسي - حزب الإنصاف - معتبرا أن الرئيس غزواني يستحق موالاة أكثر جدية و جِدة، موالاة قادرة على الإبداع و الابتكار لتجسيد تعهداته على أرض الواقع. وقد بلغت من الانتقاد ذروته حين وقفت صراحة وبقوة ضد ترشيحات الحزب في انتخابات 2023. وخضت حملة شرسة ضده على المستوى المحلي والوطني. وقلت في ذلك، بتاريخ 10-4-2023 :
هذا الواقع حد فحصُ @@ بالمَعقول وُ شاف
يعرف عن الانصاف خصُّ @@ ياسر من الانصاف
وبقيت على هذا الموقف حتى تأسيس "التيار من أجل الوطن" الذي تحول لاحقا إلى حزب "جبهة المواطنة والعدالة (جمع)"• وقد بينت في تدوينات سابقة لماذا قبلت الانضمام لهذا الحزب، وتناولت الموضوع بإسهاب في مقابلة تلفزيونية مع قناة "البرلمانية"• ومن أهم أسباب انضمامي إليه كونه حزبا وسطيا طاردا لمظاهر "اتلحليح" و"اتشنشيح" ينحاز للمرشح غزواني بهدوء ورصانة وتعقل، بحيث يشيد بما يراه إيجبيا، و ينتقد ما يراه سلبيا وفاسدا. وهذا بالضبط ما عبرت عنه في "گافي" الأخير الداعي إلى الوحدة والالتحام و رص الصفوف خلف المرشح غزواني للعبور الآمن بسفينة الوطن في ظل ما يعيشه المحيط من عواصف وتهديدات وجودية خطيرة وما لها من تأثيرات محتملة على استقرار بلادنا في حال انجرارنا - لا قدر الله - إلى التسرع والغرور.
خطابك حد اتأمْ / لُ @@ يعرف عن موريتانِ
فيها معلومْ إتَمْ / لُ @@ متگانِي امع غزواني
ولي عودة لهذا الموضوع بشيء من التفاصيل، بحول الله.