نخلد هذه الأيام الذكرى الرابعة لتنصيب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني. يأخذ هذا التخليد أشكالا متعددة بتعدد الزوايا التي ينظر منها المخلدون؛ فمنهم من يعدد الانجازات، ومنهم من يذكر الإصلاحات، ومنهم من يشيد بالتهدئة السياسية... ومنهم من يحاول أن يجمع كل هذه الجوانب وغيرها في سلسلة محاضرات وندوات، كما فعل حزب الإنصاف حين "انتخب" مثقفين، و"نسي" آخرين... غير أنه لا مغاضبة ولا ترحال في جو أفراح وطنية...
من المهم جدا تعداد الانجازات ومجالاتها خاصة ما تعلق بالفئات الهشة المتعففة، ومسارات الإصلاح في التعليم والصحة وغيرها من القطاعات الخدمية التي أنجز فيها الكثير. يدخل كل ذلك في باب الاحتفال والاحتفاء، وهي جوانب ذات أهمية كبيرة. لكن زاوية نظرها تلقي ضوءً كاشفا على المنجز في الزمن الذي مضى، وتكثف الظلال حول المستقبل. قد يحتاج أي نظام، مهما كانت طبيعته، مؤتمنين وطنيين ذوي كفاءة صادقين يشاركونه استشراف المستقبل انطلاقا من معرفة "موضوعية" لتاريخ الوطن، وواقعه المعيش.
إنهم الناصحون في السر، أو في العلن، حسب المتاح... نركز، في احتفالاتنا على ما انقضى من المأمورية، ولعل الأولى النظر إلى ما تبقى منها: سنة كاملة، للتحضير للمأمورية المطلة. وهي مأمورية تمتاز، في ديمقراطيات المأموريتين، بأنها مأمورية الوطن، بينما المأمورية الأولى مأمورية السياسة. في المأمورية الثانية لم يعد الرئيس، بعد انتخابه، يحتاج إلى أصوات الناخبين لذلك يمكنه الإقدام على إصلاحات وطنية قد لا تحظى بشعبية لدى قصيري النظر من السياسيين، لأنها إصلاحات غير مرتبطة بنظام، وإنما تنطلق من المصالح العليا للوطن، ولا تعد في إنجازاته لأنها تتجاوز عمره الافتراضي...
إذن، من واجب المؤتمنين اغتنام السنة الباقية من مأمورية السياسة، لتحضير مأمورية الوطن باقتراح مشاريع وطنية كبرى، وإصلاحات عميقة في مجالات التعليم: التهذيب، التقني، والعالي. فلا نهضة ممكنة دون النهوض بالتعليم. والاهتمام بالصناعات الخفيفة في مجال الغذاء والأدوية. فلا يعقل أن نعجز عن صناعة أقراص البانادول، أو الضمادات، وغيرها من الصناعات الدوائية التي سبقنا إليها الجيران. لا يخفى على أحد أننا في منطقة مضطربة، وأن سياسة العقوبات تنتشر لمعالجة أبسط الخصومات، ولا نملك حصانة من التعرض لها. لذلك فإن أولى أولويات "مأمورية الوطن" هو الأمن بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية. يتبع.