بسم الله الرحمن الرحيم
التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"
الدورة العادية الثانية لمجلس الشورى الوطني
دورة المرحوم الأستاذ أحمد أعلي/أيام: 28-29 30- يوليو 2023
خطاب رئيس الحزب حمادي سيد المختار
السيدة رئيسة مجلس الشورى الوطني
السادة والسيدات أعضاء المجلس الموقر
السادة الاعلاميون
حضورنا الكريم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
يسعدني في البداية أن أرحب بكم في مستهل هذه الجلسة: فمرحبا وأهلا وسهلا، وشكرا جزيلا على تلبية الدعوة و تشريفنا بحضور جلسة افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الشورى الوطني.
أيها الحضور الكريم،
لقد اختار مكتب مجلس الشورى الوطني أن تحمل هذه الدورة اسم قائد من قيادات الحزب وعلما بارزا من أعلامه ، كان مثالا في التضحية والبذل ونكران الذات، إنه الأخ العزيز الأستاذ أحمد ولد اعلي الذي رحل عنا في 03 مايو 2023 في حادث سير مؤلم وهو يؤدي مهمة للحزب، و بهذه المناسبة نجدد التعزية لأنفسنا و لعائلة المرحوم سائلين المولى عز وجل أن يتقبله في الصالحين ويسكنه الفردوس الأعلى في الجنة ((مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين و الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)) ،
و حسنا فعل مكتب مجلس الشورى بتشريف هذه الدورة باسم هذا القائد عرفانا بجميل صنعه و استحضارا لدوره الرائد وجهوده المقدرة، وتضحياته الجسام، تقبل الله منه كل ذلك وجعله في ميزان حسناته وبارك في خلفه وذويه.
كما لا ننسى الترحم على والدينا وعلى فقيدنا مولاي ولد ابراهيم الذي رحل عنا في الأيام الماضية نسأل الله أن يجعله هو الآخر ((مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين و الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)) وأن يفسح للجميع في قبورهم و ينورها عليهم و يبيض وجوههم و ييمن كتابهم وييسر حسابهم و يبدلهم دورا خيرا من دورهم.
السيدة الرئيسة
السادة الحضور
لقد كان الاستحقاق الانتخابي أبرز المحطات ما بين الدورتين، وقد بدأ التحضير له فور انتهاء أعمال دورة مجلس الشورى في يناير من خلال حملة تمهيدية جابت خلالها وفود الحزب كافة ولايات الوطن، لشرح مواقف الحزب ومتابعة أوضاع المواطنين، والتحسيس بحملة التسجيل على اللوائح الانتخابية،
و شرعت قيادة الحزب في مسار سياسي يسعى مع أحزاب المعارضة للضغط على الأطراف المعنية (الداخلية، اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات) لتطبيق مقتضيات الاتفاق السياسي بين الداخلية والأحزاب السياسية
إلا أن تعاطي الجهة المشرفة والجهة الراعية للاتفاق مع مطالب المعارضة المتكررة بتطبيق مضامينه وخاصة الشق المتعلق بتوفير ضمانات"انتخابات جامعة،نزيهة، شفافة، مقنعة،ذات مصداقية، مقبولة لدى الجميع" المنصوص عليها في الاتفاق، كان هذا التعاطي للأسف الشديد مخيبا للآمال وظل تطبيق بنود هذا الاتفاق محل اعتذار وتلكؤ وتبريرات غير مقبولة،وهو ما شكل انتكاسة لمساعي تحسين العملية الانتخابية.
ورغم ذلك، غلَب حزبنا منطق الإيجابية كما هي عادته، وأسلوب المشاركة كما هو منهجه، وأمّلنا خيرا في تطبيق المتبقي من مراحل الإشراف الانتخابي، بعد الملاحظات السلبية على المراحل الأولى خاصة عمليات الإحصاء الإداري، وتشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات والآجال الانتخابية...
ومع انطلاق الحملة الانتخابية أدار الحزب حملة انتخابية ناجحة ومسؤولة كما برهنت على ذلك المهرجانات الكبيرة والاستقبالات النوعية للوفود في الداخل والخارج.
ومع أولى ساعات الثالث عشر من مايو سجل الحزب اعتراضه على ما تم من خروقات والتي أعطى حجمها وتسجيلها في مناطق عديدة انطباعا عاما بفشل إدارة عملية الاقتراع لما شابها من تزوير أفقدها المصداقية و أفرغ نتائجها من طابعها التمثيلي.
ورغم عمليات التزوير الواسعة وموجات التهجير الكثيفة وسياسة التحكم في إرادة الناخبين التي اعتمدها الحزب الحاكم ، حقق الحزب نتائج مهمة، فحافظ على موقعه كثاني حزب على المستوى الوطني ، وحقق حضورا وانتشارا في 126 بلدية من أصل 149 بلدية رشح فيها.
وبهذه المناسبة يسعدني أن أزف التهنئة لإدارة الحملة المركزية ولجانها المحلية وكل أطر الحزب ومناضليه و داعميه على ما حققوه من نتائج رغم قوة المنافسة والتزوير و إكراهات الحملة وظروفها ، فلهم مني كل الشكر والتقدير باسمي شخصيا وباسم كل مناضل من تواصل. بارك الله فيكم جميعا وتقبل منكم و جعل ذلك في ميزان حسناتكم.
لقد شكلت المحطات الانتخابية السابقة فرصة لتطوير العملية السياسية، وظلت نتائج الحوارات السياسية التي تسبق الانتخابات دون المأمول عموما، لكنها مع ذلك ظلت تقطع بالعملية السياسية شوطا، وتعزز مستوى من الشفافية، على عكس انتخابات مايو 2023 التي كانت الأسوأ بشهادة أغلب الفرقاء السياسيين معارضة وموالاة وأعادتنا للأسف أشواطا كبيرة إلى الوراء.
أيها المجلس الموقر..
إننا في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" نعتبر التنمية السياسية الرافعة الحقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والضامنة لها، لكننا نسجل تحول مسار التطوير السياسي من عملية مؤسسية تشكل القوانين والسياسات والضمانات أركانها إلى مستوى من الانفتاح لم يصل بعد إلى تحقيق ما هو أساسي ألا وهو الوصول إلى أرضية لحل إشكالات الوطن الكبرى وقضاياه المصيرية .
السيدة الرئيسة
أيها الجمع الكريم
إن تحديات بلدنا متعددة، وقضاياه الملحة كثيرة، ولكن كبرياتها تحتاج سرعة في الاستجابة وإخلاصا في القصد، وحكمة في التناول، ومضاء في العلاج..
فمقدساتنا الإسلامية وقيمنا الأخلاقية وشخصيتنا الحضارية التي شكلت كلها أساس بناء مجتمعنا الصلب ومقوم قوته السياسية وصلابته المجتمعية، تجتاحها مهددات مؤلمة،
ففي كل حين تطالعنا الأخبار بما يسيء لنبينا صلى الله عليه وسلم ومن يتطاول على مقدساتنا وثوابتنا..وهو ما يتطلب عملا وقائيا يحمي ناشئتنا ويحصنها من تيارات الإلحاد والانحراف وقبل ذلك تطبيق أقسى العقوبات في حق المتطاولين على المقدسات الضالين الموتورين المحجوبين عن نور الله ..والعياذ بالله.
وتتطلب قضايا الوحدة الوطنية وإشكالاتها ، تنفيذ مقاربات إدماجية فاعلة، تحقق العدالة الاجتماعية وتحتفي بالتنوع وتكرس قيما جامعة تجعل الجميع يشعر بالاطمئنان على مستقبله في هذا الوطن ومستقبل أبنائه، وفي هذا الإطار يلزم الإسراع في معالجة مخلفات الرق، وتنفيذ برامج اجتماعية للنهوض بالفئات المهمشة، ومعالجة صريحة ونهائية لقضايا الإرث الإنساني.
وتشكل معاناة المواطنين- هنا في العاصمة وفي مدننا وقرانا في الداخل- جراء تردي الخدمات الأساسية بل غيابها أحيانا كالماء والكهرباء والصحة والتعليم، في الوقت الذي يرهقهم الغلاء المعيشي ، وتأثيرات الحرب الأوكرانية على إمدادات الغذاء فضلا عن البطالة وغيرها،تشكل كلها تحديات ما تزال استجابة الحكومة لها دون المستوى المطلوب وتفتقد السياسات التي تنتهجها للنجاعة والشمولية.
و ما من شك في أن هذه الأوضاع الصعبة هي نتاج حالة من ضعف الفاعلية وهدر الموارد وسوء الإدارة والتسيير المتراكم... وهو ما يتطلب تشخيصا أمينا وحلولا ناجعة وتطبيقا ناجزا للبرامج الإنقاذية لوضع البلد وقطاعاته الأساسية على مسار الإصلاح وسكة التطوير..
إن مصادر قوتنا الرئيسية تتمثل في شبابنا الفتي، وإن من حق البلد عليه: تعليمه
وتشغيله كي يسهم في عملية البناء والتطوير، لا أن يترك للبطالة أو للتشغيل الهش أو لمخاطر الهجرة غير النظامية..
السيدة الرئيسة
أيها الجمع الكريم
إن التطورات الخارجية لم تعد أحداثا تلقي بظلالها علينا وتتطلب الوعي بها، ورصد الفرص والتهديدات الكامنة فيها، بل غدا الكثير منها بمثابة قضية داخلية بسبب عمق التأثيرات التي باتت تتركها، ولعل قضايا الأمن الخارجي والتحديات الأمنية في محيطنا المضطرب وعودة الانقلابات وتغيير الأنظمة بالقوة في جوارنا الإقليمي والتنافس بين القوى الدولية وموجات الهجرة غير النظامية التي بات بلدنا أحد معابرها الرئيسية، كلها تشكل قضايا محورية من الضروري التعاطي معها على مستوى السياسات الداخلية والخارجية بكل قوة وحزم بما يبعد بلدنا عن أي تأثيرات سلبية لهذه الأوضاع وتداعياتها على بلدنا ،
إننا في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" نرى أن الطريق الأنجع والأسلم لتجنب ما وصلت إليه بلدان مماثلة من اضطراب وفوضى وفشل، يقوم بالأساس على تقوية البناء الداخلي وتعزيز اللحمة الوطنية والانسجام الاجتماعي، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية و الحكامة السياسية والاقتصادية التي يطمئن لها الجميع.
إن استمرار قطعان المستوطنين في اقتحام المسجد الأقصى المبارك وبشكل يومي بحماية من قوات الاحتلال و سياسة الهدم والتخريب والاقتحام المستمر لمنازل الفلسطينيين العزل لصالح المشاريع الاستيطانية التي شهدت تطورا خطيرا في الفترة الأخيرة، كلها جرائم مستنكرة ندينها بأشد العبارات و ندعوا القوى الحية في الأمة وأحرار العالم إلى هبة تضامن واسعة مع إخواننا الفلسطينيين حسب المتاح والوقوف بقوة في وجه سياسات التطبيع مع العدو ومخططاته.
ويستدعى استهداف اليمين المتطرف المتكرر لمقدسات المسلمين من الحكومات الإسلامية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة كل من يساير أو يدعم مرتكبي هذه الجرائم من حكومات ودول ومنظمات، ويتطلب من الشعوب الإسلامية مقاطعة الكيانات التي تقف وراء هذه الجرائم.
السيدة الرئيسة
السادة أعضاء المجلس الموقر
ستتابعون خلال هذه الدورة وفي جلستها الأولى بعد الافتتاح تقريرا مفصلا يستعرض محطات العمل الحزبي في النصف الأول من هذه السنة يتضمن صورة عن أداء هيئات الحزب وتقويما للعملية الانتخابية الأخيرة وسياقها العام وقراءة في نتائجها وحراك ما بعد الانتخابات. فضلا عن باقي جدول أعمال الدورة الموزع عليكم.
وفي الأخير أتمنى لأعمال دورتكم النجاح والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.