واقعة ورقة السوء الأخيرة وقبلها حادثة حفل المدرسة الخاصة ووقائع أخرى مشابهة؛ أمور كلها تفرض الشروع في مراجعة حقيقية للمنظومة بأبعادها و مستوياتها المختلفة:
- للأسرة التربوية أولا: بمختلف أطرافها (البيت والمربون وبيئة التدريس) التي يبدو أنها لم تنجح في توفير الظروف المناسبة للتنشئة السليمة والتربية الصحيحة التي تعصم النشء من غوائل تيارات الانحراف الهدامة ونزعات الإلحاد والتشكيك في ثوابت الأمة ورموزها ومعتقداتها التي يتردد صداها كل يوم ..
- للمشرفين على التعليم والتوجيه والتربية والإرشاد؛ من قطاعات حكومية ومؤسسات وأفراد وماهو منتظر من سياساتهم وجهودهم من نتائج يبدو أنها جاءت دون المؤمل والمطلوب.
- للقائمين على استراتيجيات التكوين والتشغيل والعناية بالنشء و الشباب...
- للمهتمين بدراسة تجليات عصر عولمة الثقافات وانعكاسات الإغراق في عالم الشبكات والسماوات المفتوحة؛متعددة الثقافات والمعتقدات وتأثيرات الملازمة الدائمة لمواقع التواصل الاجتماعي الجامعة لكل ساقط و لاقط والتي انتزعت دور المربي والموجه والاستاذ وأخذت بأفئدة وقلوب وعقول الشباب اليوم...
لهؤلاء جميعا عليكم أن تتنبهوا وتستيقظوا فقد جاءتكم النذر والاخطارات تترى من كل جانب ولم يعد أمامكم من خيار إلا التداعي لمراجعة حقيقية لكل أبعاد المنظومة وأضلاعها؛ فالخطب جلل ولا تكفي معه خطابات الشجب والاستنكار والغضب وهي مطلوبة طبعا ولا المتابعات القانونية لكل مستفز ومسيء وهي لازمة لا محالة وإنما مع ذلك وفي المركز من كل ذلك مراجعة حقيقية وسريعة لأنفسكم أولا في مسؤولياتكم في البيت والأسرة والمحيط ولسياساتكم وخططكم (قطاعات ومؤسسات)ثانيا لقياس مستوى نجاعتها وتحديد جوانب القصور والضعف فيها ومدى استجابتها لتحديات وإشكالات عالم اليوم ونوازله المتجددة .
نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى التمكين لثقافة إسلامية متشبثة بالأصل منفتحة على العصر وفق ضوابط الشرع تستجيب
لتحديات العالم الجديد وأدواته ووسائله ولغته قادرة على مواجهة إكراهاته والإجابة على إشكالاته والوقوف بقوة وحزم في وجه تيارات الانحراف الجارفة التي تتدثر بمغريات وتقنيات التسويق والماركنتيلية الجديدة؛ تسويق الأفكار والمعتقدات والمسلكيات هذه المرة بعد أن كسبت معركة تسويق المنتجات والبضائع..
ثقافة إسلامية أصيلة مقنعة خطابا ومسلكيات يجد فيها النشء ما يناسب فطرته وينمي مواهبه ويلبي حاجاته ويجيب على إسئلته وإشكالاته ويعالج حيرته وطيشه أحيانا على هدي سلف الأمة ونموذجها الأول بلا إفراط أوتفريط.