لندن ـ “القدس العربي” ـ إبراهيم درويش
كتب المعلق يوجين روبنسون في صحيفة “واشنطن بوست” “صك أسنانك وثابر فلم يبق إلا أيام وينتهي هذا العام الفظيع، المتعفن، غير الجيد، السخيف، الحقود، الدنيء والمخزي في الحياة المدنية لأمتنا. وكلنا يأمل بعام جيد في 2018 خاصة المحقق الخاص روبرت أس موللر الثالث”. وأضاف أن الكثيرين بدأوا عامهم 2017 وعزوا أنفسهم أن رئاسة دونالد ترامب لن تكون سيئة كما اعتقدنا وظهر أنه أسوأ مما توقعنا. وذكر الكاتب بعبارة “إنهم أناس طيبون” التي استخدمها الرئيس لوصف تظاهرة حمل فيها دعاة التفوق العنصري والنازيون والكوكلاس كلان قائلا للقاريء هل استمعت للرئيس وهو يقول هذا؟ و “هل استمتعت لسفيرة الولايات المتحدة وهي تهدد ببلطجة بأنها ستكتب أسماء الدول التي لن تصوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالطريقة التي تريدها؟ وهل فكرت أن حكومة أكبر دولة في العالم من الناحية العسكرية والإقتصادية ترفض العلم وحتى التجريبية وتفضل عوضا عن ذلك “الحقائق البديلة” كأساس لصناعة القرار؟ ويقول روبنسون إن الجميع يعرفون أن ترامب رجل نرجسي وفارغ ولكن الكثيرين اعتقدوا في يوم تنصيبه أنه يعي بدرجة كافية الثقل الذي وضع على كتفيه وسينضج في العمل.
لكن الرئيس قضى ساعات وساعات يراقب محطات التلفزة ويدعم بعضها بشكل أعمى- فوكس نيوزأند فريند وبرامج هانيتي وشعر بالغضب من الذين حاولوا محاسبته. وكان على مساعديه اختصار التقارير اليومية المتعلقة بالأمن القومي في محاولة منهم لجعله يركز على العمل. وحاول أعضاء حكومته التنافس في التقرب إليه من خلال كيل المديح له بطريقة تشعر ملك الشمس بالخجل. وقام ترامب ومساعدوه بشن حرب على الحقيقة في محاولة لنزع الشرعية عن كل الأصوات الناقدة. وظل يلوح باللازمة “أخبار مزيفة” كالهرواة ضد أية حقائق غير مريحة يقوم أشخاص بالكشف عنها. وتساءل الكاتب هنا عن الديمقراطية وفيما إن كانت ستعمل بدون توثيقها وموسوعة معرفة. ويضرب الكاتب مثالا عن الطريقة التي يمكننا من خلالها فهم الإنحراف في إدارة ترامب : “اعتزت هذه الأمة منذ نشوئها بسيطرة المدنيين على الجيش كوسيلة للحد من نزعة المغامرة لدى قادته. واليوم علينا أن نعتمد على ثلاثة جنرالات- رئيس طاقم ترامب ومستشاره للأمن القومي ووزير دفاعه من أجل منع هذا الرئيس الطائش والمتقلب من الخروج على السكة”. ويتهم روبنسون الحزب الجمهوري وحلفاء الرئيس في الكونغرس بالفشل في تقييد هذا الرئيس التنفيذي بل وقبلوا بدور الخانع الذي مرر كل ما يفعله الرئيس. وهناك الكثيرون ممن يرون أنه لا يصلح للحكم ولكنهم يواصلون دعمه خشية أن يغضب عليهم المتشددون في القاعدة الشعبية ويرون أن هناك فرصة لتطبيق سياسات دينية محافظة. وسيتذكر التاريخ هذه الإنتهازية الجبانة ولن يكون رحيما معهم.
كل هذا ولم يذكر الكاتب محسوبية ترامب حيث عين ابنته وزوجها كمستشارين كبار له وسلمهما ملفات ليسا مؤهلان للتعامل معها، فيما عجز عن تعيين الأذكياء والقادرين في المناصب المناسبة بشكل جعل من إدارته متجاوزة للحدود الأخلاقية والإجتماعية ورديئة.
كان هذا العام سيئا بدرجة كبيرة ولكنه لم يخل من الملامح الإيجابية ففي ثاني يوم على تنصيب ترامب زحف الألوف على واشنطن في مسيرة نسوية كتظاهرة مقاومة قوية. وربما اختفت العاطفة والمشاعر التي تدفقت في ذلك اليوم ولكنها في الحقيقة لا تزال حية، بل وعلى العكس زادت كثافة. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) فاز الديمقراطي رالف نورثام في فيرجينيا. وفاز في 12 كانون الاول (ديسمبر) دوغ جونز في ألاباما. ويعلق الكاتب إن السباق الإنتخابي في هاتين الولايتين لم يكن عن الجمهوريين ضد الديمقراطيين ولكن عن العقل مقابل الجنون والمنطق ضد الفوضى وكانت عن ترامب وقد خسر. ويدعو الكاتب الديمقراطيين والوطنيين الصادقين من الجمهوريين العمل من أجل انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) النصفية في العام المقبل لوقف القطار الذي خرج عن السكة.