أطلقت موريتانيا خطة استراتيجية للنهوض بواقع الصناعة خلال السنوات القادمة وذلك لتحسين هذا القطاع الذي يرى خبراء اقتصاديون أنه "متخلف" لعدة أسباب أهمها الاعتماد على الاستيراد وضعف النظام التعليمي.
وتعليقا على هذه الخطوة، شدد الخبير الاقتصادي البناني خليفة، على ضرورة بناء اقتصاد "إنتاجي يرتكز على "إزالة الاستعمار الاستيرادي وإقامة صناعات وطنية لتثمين الثروات المحلية وتعويض الواردات بمنتجات صناعية موريتانية" وذلك من أجل تحقيق الاندماج بين مختلف قطاعات الاقتصاد الحيوية.
وأضاف خليفة، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية" أن استبدال الإنتاج بسياسة "الانفتاح التجاري من خلال اتفاقات التبادل الحر وإعطاء الأولوية لاستقطاب الاستثمارات الصناعية الأجنبية "حوّل البلاد إلى ورشة صناعية لصالح منظومة الواردات العالمية التي تسعى للربح أكثر من المنفعة الاقتصادية للبلاد".
ولفت المتحدث نفسه، إلى أن الصناعات المحلية الناشئة الموجهة أساسا لتلبية حاجيات السوق الداخلية من "ألبان ومواد غذائية عجزت عن تطوير نسبة إدماجها بسبب تبعيتها المفرطة للتكنولوجيات ولوسائل الإنتاج وحتى المواد الأولية الأجنبية"، مما جعلها "عاجزة عن مواكبة حركة التصنيع الحقيقي في العالم المستندة إلى الثورات الصناعية".
ومن جهته اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة نواكشوط محمد عبد الله ولد أناه، أن "تخلف موريتانيا في مجالات البحث العلمي والتكنولوجي، إلى جانب اتفاقيات التبادل الحر غير المتكافئة مع الدول المصدرة"، من الأسباب الرئيسية لـ "فشل تجربتها الصناعية وسيطرة الصناعيين الأجانب على أسواقها التجارية وثرواتها الوطنية".
ومثالا على ذلك أضاف ولد أناه، في حديث لـ"أصوات مغاربية" أن غالبية الثروات الباطنية في البلاد "يتم استخراجها من طرف شركات أجنبية"، معتبرا أن الدولة في إطار محاولاتها الحالية يجب أن "تفتح كليات وجامعات متخصصة في مجالات المعادن والغاز وعلوم البحار".
وأشاد المتحدث في ختام حديثه بخطوة الوزارة الرامية للنهوض بالصناعة، معتبرا إياها فرصة نادرة لموريتانيا للخروج من العولمة الاقتصادية الخاضعة لـ "هيمنة الدول المصدرة للسلع" وضمان "أمنها الغذائي وربما التحول إلى جزء من المنظومة العالمية للمصدرين".
وتمتلك موريتانيا شركات للصناعات السمكيّة تضم مرافق لتمليح الأسماك، وتجفيفها، وأخرى للتعليب، والتجميد، وكذلك لإنتاج دقيق الأسماك، وبلغت صادرات البلاد من تلك الصناعات أزيد من ٧ آلاف طن سنويا عام ٢٠١٩.
كما توجد في البلاد صناعات صغرى تستهدف تلبية طلب احتياجات السوق المحلي من المواد الغذائية والمشروبات، كالألبان ومشتقات الثروة الحيوانية بالإضافة إلى مواد البناء.
ورغم عدم توفر إحصائيات رسمية عن حجم الأنشطة الصناعية في البلاد، إلا أن الأسواق المحلية ما زالت تعج في الوقت الحالي بالكثير من المنتجات المستوردة التي تنافس المنتجات الوطنية.
ونهاية نوفمبر الماضي أعلن وزير التنمية الحيوانية الموريتاني محمد ولد عبد الله ولد عثمان، أن نسبة 6 في المائة فقط من الجلود تصل مرحلة التصنيع من منتوج موريتانيا السنوي البالغ 1.8 مليون قطعة جلد.
ولمعالجة ذلك أعلنت البلاد سعيها لتطوير إنتاجها من الثروة الحيوانية من خلال زيادة القيمة المضافة في صناعاتها من الجلود عبر إنشاء مراكز تجميع وتصنيع في مدينة كيفة (شرق البلاد) وبالعاصمة نواكشوط.
وتتوفر البلاد على قطاع معادن تعبتره وزارة الاقتصاد المساهم الأبرز في الناتج الداخلي الخام بنسبة تزيد عن 30 في المائة كما يمثل غالبية صادرات الدولة، لكن الخطط الحالية تسعى لتطويره وتحسينه في أفق ٢٠٣٠.
المصدر: أصوات مغاربية