رئيس جامعة نواكشوط يكتب: خطاب الاستقلال.. إنجاز للوعد وتحقيق للآمال

اثنين, 05/12/2022 - 12:27

فكرت كثيرا قبل أن أكتب هذه الحروف، وسألت نفسي هل أكتب أم أكتفي بالبقاء مستمعا أو مشاهدا؟ كما كنت في كثير من الأحيان، حسمت الأمر أخيرا فقررت أن أشارك الرأي العام الوطني فرحتي المضاعفة بالذكرى الثانية والستين لعيد الاستقلال الوطني المجيد، وبخطاب فخامة رئيس الجمهورية الذي جسد روح الاستقلال في الشكل والمضمون.
لقد جاء خطاب فخامة رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الاستقلال جامعا مانعا، وتضمن كل النقاط الأساسية التي يهم المواطن العادي الحديث عنها، وسأقدم هنا نموذجا من عمق وشمولية هذا الخطاب القيم، حيث قال فيه رئيس الجمهورية ما نصه: "إن سيادة الدول والشعوب، لا تترسخ، ولا تستديم، إلا على قدر متانة وحدتها الوطنية، فالوحدة الوطنية، هي أساس الاستقرار والنماء، وهي الحصن الحصين، في وجه سائر التحديات. ولذا، جعلنا من العمل على تقويتها، هدفا مركزيا، في كافة سياساتنا العمومية.
فالمتأمل لهذه الفقرة من خطاب الاستقلال بعين الإنصاف يدرك أن رئيس الجمهورية عالم بمكامن الداء، ومدرك لحقيقة أنه لا يوجد داء أدوى من التفرقة، ولا يوجد دواء أعظم من الوحدة، ولا يمكن تصور بناء وطن  في غياب الاستقرار، ولا إحراز تقدم أو تطور دون وجود العدل والمساواة، ولا تحقيق تنمية في غياب "الإنصاف".
ومن تتبع مسيرة الإنجازات التي سردها الخطاب ودقق النظر فيها، تيقن أنها لم تكن أقوال مرشح للانتخابات نجح بأغلبية ساحقة وألقى ما تعهد به وراء ظهره، بل هي أفعال رجل للعهد عنده معناه، ولذلك ورد جلها بصيغة الماضي لأنه أنجز بالفعل، وورد البعض منها مضارعا لأنه قيد الإنجاز في الحاضر، أو لأنه يؤمل إنجازه في المستقبل بعزم وحكمة وصمت ستجعله فعلا ماضيا في أقرب الآجال.
 
ومما لفت انتباهي أيضا في خطاب الاستقلال قول الرئيس  في فقرة أخرى: "لما كانت الدول الأكثر عرضة لاهتزاز وحدتها الوطنية، وتراخي لحمتها الاجتماعية، هي تلك، التي لا تسود فيها ثقافة الانفتاح، والحوار، واستيعاب الاختلاف، فقد حرصنا، منذ استلامنا مقاليد السلطة على تهدئة مناخ الحياة السياسية، والاجتماعية، بالانفتاح على الجميع. انتهى الاستشهاد.
وإن كان لي من تعليق على هذه الفقرة من هذا الخطاب القيم فهو قول الشاعر:
وإن أحسن بيت أنت قائله           بيت يقال إذا أنشدته صدقا
وبالفعل فقد استبشرنا كثيرا بما رأيناه من انفتاح على الجميع في هذا العهد الميمون الذي رفع فيه قائد الشعب شعار "الإنصاف" وجسده على أرض الواقع، بعد أن كادت قلة "الإنصاف" تجر وطننا الغالي إلى ما لا تحمد عقباه، كما أعاقت دعوات التفرقة مسيرة التنمية ومنعت تبوأ بلادنا للمكانة اللائقة بين الأمم على الرغم من المقدرات الكبيرة التي تزخر بها، ومن الثروات المتنوعة التي تستطيع - لو أحسن استغلالها وتوزيعها- أن تحلق بنا بعيدا عن مضارب الفقر والجهل والتخلف والتيه الفكري والحضاري الذي لا يريد لنا البعض أن نستفيق منه بعد ستة عقود من الاستغلال.
وسأخصص جزء من هذه العجالة للحديث من موقعي كأستاذ مدرس يحز في نفسه ما آل إليه واقع التعليم في بلده بعد عدة محاولات للإصلاح لم يحقق أغلبها نتائج تذكر، بالرغم من عدم شكي في صدق نيات من أشرفوا عليها واطلاعي على الخبرة الكبيرة لبعضهم، ولكن النتائج كانت صادمة في كثير من الأحيان بل لاحظت أن الهوة ظلت تتسع بين مكونات الشعب حتى كاد الخرق يتسع على الراقع اتساعا لا يرتجى بعد التئام، وصار لكل طبقة منهج تعليمي خاص بها، وغاب التلاقي الذي هو أساس المحبة ولقاح القلوب.
وقد سرني بالفعل  إطلاق فخامة الرئيس لمشروع المدرسة الجمهورية وصدقه في السعي لبناء نظام تعليمي، شامل للجميع، وذي جودة عالية، وفهمه لحقيقة أن التعليم هو الذي يغرس في نفوس الناشئة، قيم المواطنة، والمدنية، وأهمية الوحدة الوطنية، ويهيئهم للاندماج السلس والفعال في الحياة الاجتماعية والمهنية، وهو السبيل إلى الترقية الاجتماعية، ومكافحة الفقر، والهشاشة، وزاد من سروري ما شهدته من اعتمادُ الخُطُوات الضرورية لنجاح هذا المشروع الحيوي ومن أهمها:
▪︎ اكتتاب 8.000 مدرس ما بين معلم واستاذ ومفتش، من 2019 إلى اليوم
▪︎إعلان رئيس الجمهورية في خطاب الاستقلال عن إنشاء صندوق لدعم المدرسة الجمهورية مخصص لبناء وإعادة تأهيل وتجهيز البنى التحتية المدرسية، سيتم هذه السنة تزويده من ميزانية الدولة بمبلغ عشرينَ مليارِ أوقيةٍ قديمة.
هذا بالإضافة إلى زيادة الرواتب لصالح جميع الموظفين والوكلاء العقدويين للدولة المدنيين والعسكريين. ودفع مكافأة تشجيعية إضافية للمعلمين والأساتذة وطواقم التأطير العاملين في المدارس الأساسية والمؤسسات الثانوية طيلة السنة الدراسية و رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%.، وزيادة الإعانات العائلية المدفوعة من قبل نظام الضمان الاجتماعي بنسبة 66 .%
وبالموازاة مع هذا الجهد المبذول في سبيل إنجاح المدرسة الجمهورية فقد حرص رئيس الجمهورية على تحسين الإطار المؤسسي للتعليم العالي، ووضع استراتيجية في أفق 2030، كما حرص على دعم البنى التحتية دعما معتبرا، حيث سيعلن قريبا إطلاق الأشغال لبناء توسعة جديدة لجميع كليات جامعة نواكشوط ستمتد على مساحة 32.000 متر مربع، وترفع الطاقة الاستيعابية للجامعة من 14.000 طالب إلى 25.000 طالب بتكلفة إجمالية تبلغ 9.000.000.000 أوقية قديمة.
 
كما أعلن عن تشييد مبنى جديد، للمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، ويجري العمل في ذات الوقت على بناء ثلاثة معاهد عليا، المعهد العالي للمهن الإحصائية، والمعهد العالي لمهن الطاقة، والمعهد العالي للرقمنة، وكذا بناء مدرسة الدراسات التجارية العليا. 
كما تم إنشاء ستة مراكز جامعية تقدم خدمات نوعية يستفيد منها الطلاب والباحثون وتفتح آفاقا واسعة للتعاون مع المهتمين بالبحث العلمي وطنيا وإقليميا ودوليا  وهذه المراكز هي:
● المركز الجامعي للتكوين والتشغيل
● مركز المحاكاة بكلية الطب
● مركز العلاج الموجه بالصور
● مركز الحماية من الإشعاع والأمن والسلامة النووية
● مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
● المركز الجامعي للخرائط والاستشعار عن بعد.
وفي إطار دعم تحسين الإطار المؤسسي للتعليم العالي أيضل تم افتتاح سكن للطلبة الذكور بسعة 2560 سريرا، وإقامة للبنات، بسعة 1440 سريرا، بالإضافة إلى سكن بسعة 176 سريرا بمعهد الترجمة بنواذيبو، وسكن بسعة 540 سريرا على مستوى الجامعة الإسلامية بلعيون، ومضاعفة الطاقة الاستيعابية للمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، هذا علاوة على ما تم من زيادة معتبرة في رواتب المدرسين والباحثين، وزيادة في المنح الدراسية.
 
وفي الحقيقة فإن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يحتل إصلاح التعليم صدارة أولوياته ويسخر في سبيل تطويره موارد الدولة ويسعى باستمرار للتحسين من وضعية القائمين على التعليم يستحق علينا جميعا تشجيعه ودعمه ووضع خبرتنا تحت تصرفه، فموريتانيا تستحق الأفضل ولن تستطيع اللحاق بالركب دون تعاون وتعاضد جميع أبنائها واستعداهم للنهوض بها والمحافظة عليها حرة أبية ينعم شعبها بالشرف والإخاء والعدالة.

 

تصفح أيضا...