شهدت الصين خلال العام الماضي أزمة في عمليات الإخصاب الصناعي بعد إقبال نسبة كبيرة من الصينيين على إجراء هذه العمليات في أعقاب سماح السلطات الصينية بإنجاب طفل ثان عام 2016، وأرجعت تقارير طبية الأزمة إلى ارتفاع الطلب على البويضات وانخفاض عدد المانحين المؤهلين.
وأشارت التقارير إلى أن من يرغبون في إجراء هذه العمليات عليهم الانتظار لمدة قد تصل إلى عشرة أعوام حتى يتمكنوا من الحصول على نصيبهم من البويضات الممنوحة، وقد أدت طوابير الانتظار الطويلة إلى لجوء الصينيين للسوق السوداء أو السفر إلى الخارج.
ودفع ذلك العديد من العيادات ومراكز الإخصاب الأميركية والأوروبية إلى فتح منصات إلكترونية خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية لاستقطاب أكبر عدد من الصينيين.
وكانت الجمعية الوطنية للصحة الإنجابية قد ذكرت في مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري أن حوالي خمسين مليون شخص يعانون من العقم في الصين، وقد عزت ارتفاع نسبة المصابين بالعقم في البلاد إلى المشاكل البيئية الناجمة عن التلوث.
" أغلبية الطالبات يوافقن على إجراء عمليات أخذ البويضات منهن بسبب ظروفهن المادية، خاصة أن المبالغ التي تدفع مقابل إجراء هذا النوع من العمليات كفيلة بتغطية أقساط الدراسة لعام كامل " |
استهداف الطلبة
أدى عدم وفرة البويضات الممنوحة مقابل الطلب الكبير عليها إلى لجوء بعض مراكز الخصوبة في الصين إلى السوق السوداء، حيث يتم التغرير بالطالبات صغيرات السن مقابل مبالغ مادية.
ووفقا لشياو لينيغ -وهي طالبة في إحدى الجامعات الصينية بمقاطعة "غوانغ دونغ" الجنوبية- فإن عشرات من مندوبي ووكلاء مراكز الإخصاب غير المرخصة يترددون يوميا على الجامعة ويستهدفون الطالبات، وقد نجحوا في استمالة العديد منهن مقابل إغراءات مادية كبيرة.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت أن أغلبية الطالبات يوافقن بسبب ظروفهن المادية، خاصة أن المبالغ التي تدفع مقابل إجراء هذا النوع من العمليات كفيلة بتغطية أقساط الدراسة لعام كامل.
وأشارت شياو إلى أن مثل هذه المفاوضات والإجراءات تحاط بسرية تامة، وأن معظم الطالبات يقدمن على إجراء العملية دون علم أهلن وذويهن.
آثار اجتماعية
من جهتها، قالت المحامية بوو جيانغ إن مثل هذه العمليات المنتشرة في الصين تترتب عليها آثار اجتماعية وقانونية كبيرة جدا، خصوصا أن الأطفال في هذه الحالة يولدون من نطفة آبائهم فقط، مشيرة إلى أن البويضات التي تلقح وتزرع في رحم الأم تعود لمانحين مجهولين، وهو ما من شأنه أن يخلق جيلا مجهول النسب، وإن كان المواليد يسجلون بأسماء أمهاتهم في السجلات المدنية.
" تجري الصين حوالي سبعمئة عملية إخصاب صناعي سنويا، ويبلغ عدد مراكز الإخصاب المعتمدة لدى الدولة 432 مركزا " |
وأضافت بوو في حديثها للجزيرة نت أن لعمليات الإخصاب خطورة كبيرة على صحة المانحين، خصوصا الفتيات صغيرات السن، وأشارت إلى أن القانون الصيني الخاص بالصحة الإنجابية والمعمول به منذ عام 2003 يحظر التبرع بالبويضات بهدف التكسب والربح، كما يشترط أن يكون المانح متمتعا بأهلية كاملة.
لكن بوو ألمحت إلى أن عدم تحديد سن المانح في القانون الصيني اعتبر ثغرة أمام المستثمرين للاستعانة بصغار السن من طالبات الجامعات، خصوصا اللاتي يعانين من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة.
وتجري الصين حوالي سبعمئة عملية إخصاب صناعي سنويا، ويبلغ عدد مراكز الإخصاب المعتمدة لدى الدولة 432 مركزا، وفق الجمعية الوطنية للصحة الإنجابية، في حين تنتشر عشرات المراكز غير المرخصة في عدد من المدن والقرى الصينية.
وكان محام صيني قدم اقتراحا عام 2015 لإدراج بيع البويضات ضمن الجرائم الجنائية لما في ذلك من انعكاسات صحية واجتماعية على المجتمع، وقد انضم إلى هذا المقترح العديد من النشطاء والحقوقيين بعد وفاة فتاة لا تتجاوز الـ17 من عمرها العام الماضي أثناء عملية أخذ بويضة منها بصورة غير قانونية في مدينة غواغ جو جنوب البلاد.