الحزن يقلق والتجمل يردع. والدمع بينهما عصي طيع
يتنازعان دموع عين مسهد. هذا يجئ بها وهذا يرجع
النوم بعد ابي شجاع نافر. والليل مُعْي والكواكب ظلع
اني لأجبن من فراق احبتي. وتحس نفسي بالحمام فأشجع
ويزيدني غضب الأعادي قسوة. ويلم بي عتب الصديق فأجزع.
ابوالطيب المتنبي
منذ رحيل أستاذنا وملهمنا محمد يحظيه ولد ابريد الليل وأنا أعتبر تاريخ ١٣يناير يوما أسود في تاريخ سكان الصحراء الكبري.
حاولت مرارا أن أكتب عن الأستاذ ولكن توقي إلى اليقين ومدي معرفتي للرجل منعاني من الكتابة عن هالة من الغموض لايسبر أغوارها الا ذوو الهمم الكبري، ولأن الأستاذ يتمتع بمهارات التفكير الاساسية، من التفكير الناقد والتفكير الإبداعي ووضع البدائل والخيارات، وكان يملك مهارة التلخيص، والمقارنة،والتصنيف،كما كان يجيد العصف الذهني الذي يعتمد على التفكير الجماعي والذي يولد أفكاراً مختلفة.
كما حباه الله بمهارة التخطيط ووضع الافتراضات وترتيب الأولويات .
كان يفكر بالكلام وبالصمت وبالتفكير البديهي والعاطفي والرياضي وبالتفكير المنطقي والعلمي، وكان مبدعا في حل المشاكل وأنواع التفكير العليا وحاسما في اتخاذ القرارات والتفكير الابتكاري وما وراء المعرفي.
كان يحاكي "بودا" في زهده و"كونفوشيوس " في حكمته، هائما بالصحراء،صامتا صمت المجابات. شامخا كأبي الهول. يراقبنا ليكتشف صبر الجمل وذكاء سكان الصحراء.
عندما يكون النقاش في حضرة الأستاذ فلن تعرف هل أنت أمام عالم نبات أو عالم اجتماع او مؤرخ ام فيلسوف، أم أنك في حضرة شيخ صوفي يرتدي جبة الحلاج ويسير على طريق بن عربي؛ كأنه بحر الحقائق او رئيس المكاشفين أو هو الشيخ الأكبر بامتياز…!
كان الاستاذ في حياته يلعب دور الراهب الذي يلجأ اليه الجميع لتقديم اعترافاتهم موقنين أن أسرارهم في مكمنها، وكان نقطة التقاء يلتقي عندها المثقفون والبسطاء، والمفكرون والسياسيون وكان كل فريق يعتبره العراب.
وبما أن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت، بقدر ماهي قضية الباقين، فإن الأستاذ يستحق علينا أن نتذكره كما يستحق على الوطن بعض الاعتراف ولو بعد الغياب.
رحم الله الاستاذ محمد يحظيه وأدخله فسيح جناته وألهمنا بعده الصبر والسلوان وانا لله وإنا إليه راجعون.