عَلَى الموقع الرقمي الرسمي للمجلس الأعلى للفتوى والمظالم، فتوى برقم: 090/2013 تحت عنوان: "في بعض حالات إلحاق الولد"، جوابا على سؤال نصه: "من تزوجت بعد أربعة أعوام وشهرين من طلاقها وأتت بولد لخمسة أشهر من عقد الثاني بأيهما يلحق ولدها؟"، فجاء في الجواب: <<الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله، وبعد: فإن المطلقة بعد الفراغ من عدتها إذا ظهر بها حمل في أمد الحمل ألحق بزوجها المطلق ولم ينتف عنه إلا بلعان "مستوفى" الشروط، ويستوي في هذا الحكم: من لم تتزوج غير الأول، ومن تزوجت غيره وأتت بولد لدون أقل أمد الحمل: ستة أشهر من تزوج الثاني...>>، وبعد استعراض الأدلة جاءت الخلاصة التالية: <<..وخلاصة القول أن الولد المسؤول عنه ملحق بالزوج الأول المطلق لكونه ولد في أمد حملها منه على رأي الأكثر، ولا ينتفي عنه إلا بلعان "مستوفى" الشروط أمام القضاء، ويفسخ نكاح الثاني لأنه وقع في العدة ويتأبد عليه تحريمها، إن كان طلاقها بائنا، وفي الرجعية خلاف. غير أن اللعان إذا احتيج إليه وكذا إثبات النسب مما يتوقف الحكم فيه على القضاء لأنهما من اختصاصه...>>..(المنقول من نص الفَتْوَى هو كما هو في الموقع).. يُفتي المجلس الموقر في هذه الفَتْوَى بلحوق نسب الولد بالزوج السابق المطلِّقِ بعد أربعة أعوام وشهرين من الطلاق، معتمدا بذلك أمد حمل يتجاوز أربعة أعوام، وبَيَّنَ ذلك في استعراض أدلة الفَتْوَى، بما يلي: <<..أما أقصاه (المقصود أمد الحمل) فليس فيه نص من كتاب ولا سنة وإنما المستند فيه التجربة، ولذلك كان محل آراء متعددة لأهل العلم منهم من جعله أربع سنين ومنهم من جعله خمسا ومنهم من جعله ستا ومنهم من جعله سبعا...>>.. وهذه الفَتْوَى بأقصى أمد الحمل تخالف ما قررته مدونة الأحوال الشخصية، التي نصت في المادة 61 منها بالقطع على مايلي: <<أقصى أمد الحمل سنة قمرية. غير أنه إذا كانت هناك ريبة في الحمل بعد هذه المدة رفع المعني أمره للقاضي ليستعين بالخبرة الطبية>>، وجل من سمعناهم من أطبائنا يتحدثون في أمد الحمل يقطعون علميا بعدم وجود ما يسمى في ثقافتنا بـ "الحمل الْبَاركْ" الذي قد يستمر سنوات بعد الطلاق، ثم تدب فيه الحياة، ويولد.. في المادة 61 حسمت مدونة الأحوال الشخصية - القانون الرسمي - أقصى أمد الحمل، وحددته بسنة قمرية، وعند حصول ما سمته ريبة بعد هذه المدة يستعين القاضي بالخبرة الطبية فقط، ولم تعطه الرجوع إلى غيرها، وقد يكون لفحص الحمض النووي في هذه الحالة قول آخر، وفِي فتوى المجلس الأعلى للفتوى - جهة الفَتْوَى الرسمية - فُتِحَ أقصى أمد الحمل إلى أكثر من أربعة أعوام.. ومع أن الفَتْوَى أشارت إلى أن الحكم في المسألة للقاضي، إلا أنها لم تشر للمستفتي إلى مقتضيات النص الذي يلزم القاضي تطبيقه في المسألة، فكم ستكون مفاجأة المستفتي، يوم يرفع القضية إلى القضاء مسلحا بفتوى رسمية، فَيُواجِهُ قانونا رسميا ألزمَ بما يخالف الفَتْوَى..؟.. يحصلُ لي العجبُ دائما من الذين عملوا على اختيار مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية - وقد جاء اختيارها في إطار السعي من أجل حماية أكثر لحقوق المرأة - كيف اختاروا تحديد أقصى أمد الحمل بسنة قمرية؟!، وفِي الفقه متسع، وفي فتح آفاق أمد الحمل لأقصى فترة ممكنة فقهيا، حماية أكثر لحقوق المرأة، وشرفها، وكذا لحقوق الأطفال.. إن اختيار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم في فتواه بخصوص أقصى أمد الحمل لرأي الأكثر، اختيارٌ يساير حقوق المرأة والطفل، ويُنَبِّهُ لضرورة تعديل مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية في الموضوع بهذا الاتجاه، وقبل ذلك نحنُ أمام فتوى رسمية بما يخالف قانونا رسميا..
أحمد عبد الله المصطفى