افتتاحية الجمعة 21/05/2021
استثمار النصر
الانتفاضة التي انطلقت من حي الشيخ جراح في القدس، رداً على محاولات الصهاينة اقتحام الحي لطرد سكانه، لم تلبث ان تحولت الى انتفاضة شاملة عمت كل أرض فلسطين، تميزت عن انتفاضة الحجارة الأولى 1987 وانتفاضة الأقصى 2000 بعاملين جديدين هامين الاول هو تفاعل الداخل الفلسطيني المحتل منذ عام 1948 على نحو حاسم ومُنشَدٍّ بقوة وعزم الى ثوابت العمل الفلسطيني غير القابلة للتصرف او التنازل :حق التحرير والعودة واسقاط النتائج التي أفرزها واقع الاحتلال، واصبحت بحكمه فلسطين مقسمة الى ثلاث كانتونات مقطعة الاوصال. أما العامل الثاني الحاسم فهو دخول الكتلة النارية المباركة لصواريخ وراجمات المقاومة التي طورتها عقول الجبارين من تحت رماد المِحنة والحصار، وانقضّت من عليائها كالصقور توقظ في وجدان احفاد السبي البابلي كوابيس الفزع والرعب، وتدفعهم للفرار بحثا عن ملاذات وملاجئ في باطن الارض بدل البحث عن منازل تغتصبها عصاباتهم في حي الشيخ جراح او بقية المستوطنات.
كما انقضت هذه توقظ في وجدان الامة طوفانا مزبدا من ايام مجدها وانتصاراتها التاريخية العظيمة.
إن الهدنة الجديدة التي كانت محطة نصر كبرى للقضية الفلسطينية بما اوقفت من نزيف الاستسلام النفسي والفرار الجماعي للنظام الرسمي نحو التطبيع وغرز خناجره في اضلع القضية وبما اعادت من طرح الصراع العربي الصهيوني على حقيقته الوجودية الساطعة التي حاول المتخاذلون وعملاء الغرب حجبها تارة بغربال اتفاقيات السلام وتارة (بثورات) الناتو ، ينبغي الانتباه إلى خطر التفريط في جني ثمارها والارتقاء بالعلاقات الوطنية الفلسطينية إلى الوحدة الفعلية على المستوى السياسي والنضالي والدخول في مرحلة قطف الثمار السياسية والاستراتيجية لهذه الانتفاضة لمصلحة تحرير فلسطين وإنهاء عهد زراعة الاستلاب والوهن الوطني والقومي الذي دفنته صواريخ المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني واكدا ان خيار قوى الامة الحية هو الاستعداد للتضحية والصمود وانتزاع الحرية والعدل والكرامة واستعادة الحق المسلوب بدل استجدائه من مبأدبة لئيم تاريخي وقود نيرانه اجساد الاطفال والنساء.