حتى لا يأكل الإصلاح مناصريه.../ أحمد محمود ولد العتيق

جمعة, 08/01/2021 - 20:36

عندما انطلقت الثورة الفرنسية 'كان أهم أهدافها التخلص من الثلاثي المفسد : "الملك ' النبلاء ' المفسدون".
لكنها سرعان ما اندفعت تأكل أبناءها.  ذلك ما أشار إليه هيجل في إحدى  مقالاته بقوله : " إن الثورة بدأت تأكل أبناءها". 

وهو يقصد بذلك أن المفسدين الذين تواروا عن الأنظار واستبدلوا جلودهم  وتقمصوا مبادئ الثورة ' سارعوا إلى تصفية أعدائهم من المصلحين مستخدمين لذلك كل الوسائل المتاحة والتي استحدثوها . فسالت باريس بدماء أبناء الثورة ومناصريها. 
كان هدف المفسدين الإيقاع بالثورة وجعلها نارا تأكل نفسها ' وبالتالي سرعان ما تخمد وتعود الأمور إلى نصابها من جديد .
لكن الفرنسيين :" مفكرين وساسة وكتابا " فوتوا الفرصة على أعداء الثورة وكشفوا مخططاتهم ثم أعادوا قطار الثورة إلى سكته . وهكذا تمكنوا من جعل الثورة الفرنسية علامة فارقة في تاريخ البشرية .
اما هنا في موريتانيا فكلما بدأ نهج جديد في الإصلاح تغير الدببة جلودها وتسلخ الذئاب جلود الحملان بعد أن تفترسها . ثم لا تسمع في الساحة إلا أصوات الخراف وأغاني الحمام. لهذا يمسكون بزمام الأمور و يلوون طريق الإصلاح على هواهم .

لذلك فمن المشروع القول : " حتى لا يأكل الإصلاح مناصريه"، ينبغي  التنبيه في ظل الإعلان عن حوار اجتماعي إلى الأمور التالية : 
 أولا:  
إن الذين تعودوا مص دمائنا منذ الاستقلال إلى اليوم ما زالوا في الواجهة أو قريبا منها مسامير علقت في جسم الدولة ' وهي رغم  الصدإ لم تبرح أماكنها: " ساسة ومسؤولون كبارا وتجارا ووسطاء". 
وكلما جاء نظام جديد عزفت له على وتره و غنت له ما شاء حتى إذا خلت لها الساحة لعبت بمصائر الوطن والمواطن.
هناك مثل روسي حكيم يقول :" لنفترض أن الشعب طيب . فمن أين تأتي الحكومة".
إذا كان المواطن في كل مرة يغشاه كرب من مسؤول ما يصرخ قائلا: " مالنا وهذه الحكومة " ملتمسا البراءة لنفسه ومتهما الحكومة . فأن سؤال واردا يطرح نفسه " إذا كانت الحكومة فاسدة فإنها أنما تولد من رحم الشعب الذي تنتمي إليه. مما يعني أن الشعب هو مصدر المشكلة وهو المصدر الأول للفساد . 
من هنا جاءت دعوة رئيس الجمهورية إلى حوار اجتماعي موفقة وفي وقتها . لكنها تحتاج إلي ما يلي حتى لا يأكل الإصلاح مناصريه:
 ثانيا 
ينبغي في الحوار الاجتماعي استبعاد السياسيين . فهؤلاء إلا قليلا منهم أعداء للإصلاح وهم عرابوا  الأنظمة السابقة . ولا أدري كيف يركن إليهم السيد الرئيس وهو يعلم إنهم إنما يخدمون أنفسهم .

ثالثا: 
ينبغي الإستعانة في الحوار الاجتماعي  بالباحثين والمثقفين المشهود لهم بالمواطنة والنزاهة.

 رابعا :

يجب تأسيس خطاب إعلامي يرقى إلى مستوى طموح والمشروع الكبير الذي يسعى رئيس الجمهورية إلى تنفيذه.

خامسا 
ينبغي التفطن إلى أن ما سعت  إليه الأنظمة السابقة من المحاصصة و إشراك مكونات المجتمع  بممثلين عن كل لون وشريحة إنما زاد الطين بلة  فاقم إشكالات المجتمع ومزق نسيجه.

سادسا : ينبغي أن يكون الهدف الأسمى من الحوار بناء دولة المواطنة والقانون. وتأسيس حكامة اقتصادية واجتماعية تفضي إلى تنمية الوطن والمواطن.
وأن يتم  استبدال القرابة بالجدارة
والوساطة بالقانون وسلطان القبيلة بسلطان القانون.
كل ذلك من أجل أن لا يأكل الإصلاح مناصريه.

.

تصفح أيضا...