عندما جاء العلامة السني المجدد الشيخ بابه بن الشيخ سيديا أوائل القرن المنصرم في كتابه عن تاريخ إمارتي إيدوعيش ومشظوف على ذكر الأمير محمد ابن امحمد شين قال: ((وكان ينتجع من تگانت دار ملكه إلى أرض تيرس ونواحيها، وفِي ذلك يقول مفتخرا وهو من جيد الشعر الحساني:
"نجع لعنايه والتشطاط
سوحل ابمبروم الليه
أكال ساحل عگلت الانباط
اكال تل المداحيه
اگلب ميجك واگليب الغين
كالهم نجع اخلاص الدين
واجوير وعگلت تورين
كالهم بين أهل النيه
وكال وحدو نعم اماسين
وافتاسه والعرگيه
نجع رفعت مسلم مظلوم
شام من درگل وادروم
بصماميط وتنيموم
ولعريبيات ولرويه
أوصد راحل باشناه اليوم
لارض گلمسي والليه"
وهذا طريق لشعراء العرب مسلوك، ومقصد من مقاصدهم غير متروك، أنشد في المفضليات لبشر بن أبي خازم من قصيدة:
"وغَيْثٍ أَحْجَمَ الرُّوَادُ عنهُ
بِهِ نَفَلٌ وحَوْذَانٌ تُوأَمُ
تَغَالَى نَبْتُهُ واعْتَمَّ حتَّى
كأَنَّ مَنَابِتَ العَلَجَانِ شَامُ
أَبَحْنَاهُ بِحَيٍّ ذِي حِلاَلٍ
إِذَا مَا رِيعَ سَرْبُهُمُ أَقامُوا
وما ينْدُوهُمُ النَّادِي ولكِنْ
بِكُلٍّ مَحَلَّةٍ مِنهُمْ فِئَامُ
وما تَسْعَى رِجالُهُمُ ولكِنْ
فُضُولُ الخَيْلِ مُلْجَمَةٌ صِيَامُ"))
ثم استطرد بحس أدبي مرهف عدة نماذج من التناص بين الشعر الحساني والشعر العربي...
وعندما أراد التاه (المختار بن حامدن) بعد ذلك بخمسين سنة أن يترجم بعض النصوص الشعرية الحسانية إلى العربية في حلقاته المشهورة مع الأديب محمدن ولد سيد ابراهيم استطرد إلى ذكر بعض أوجه التشابه بين الشعرين مستشهدا بما قاله بابه بن الشيخ سيديا في تأليفه المذكور في التاريخ.
وكان مما ترجم التاه من الشعر الحساني في تلك الحلقات "طلعة" العلامة القاضى المشهور اميي (محمذن بن محمدفال) التي هي إحدى روائع الشعر الحساني:
"عن ملگاك الا انحاني
حد الگاك إلى الگاني
ول يلگ ذاك ثاني
نلگاه امن اوراه
ول خاط ذاك ماني
متعلگ فانراه
وان گاع احمدت لل
گد الخظت الاه
نلگ حد الگاك ول
نلگ حد الگاه"
فقال التاه مترجما:
"يا شادنا أتمــــــــــنى اليوم لقياه
وقالت الحــــــال إياكم وإياه
ما كنت لا قيــــكم فلأبغ لا قيكم
أو من يلاقيه حتى يفتح الله
ولْأحمدِ الله ولْأشـــكر مواهبه
والعبد حق عليه حمد مولاه
إذ كنت ألقــى الذى يلقاكم وإذا
لم ألقــه كان من يلقاه ألقاه".
ومن شدة إعجابي أنا بهذه "الطلعة"، وحضورها الدائم في ذهني قلت بعد ذلك بخمسين سنة أخرى على سبيل التناص:
"إن هندا وارحمة لفتاها
سبت اللب من فتاها فتاها
قبلت منه حبه وهواه
وأبى الحبَّ والهوى أبتاها
منعاها لقاءه فتولت
واستهلت بدمعها مقلتاها
خانها نطقها فلم تبد فيه
أي نطق ولم تخن دمعتاها
لست أدري متى وأين أراها
منعاها من أينها ومتاها
غير أن الفتاة هي فتاتي
رغم هذا وإنني لفتاها
وإذا ما لم آتها سوف آتي
من أتاها أو من أتى من أتاها
...
وان گاع احمدت لل
گدت الخظت الاه
نلگ حد الگاك ول
نلگ حد الگاه.