"لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم" سورة النساء
في تدوينة له اتهمني صاحب المعالي الدكتور ايسلكو أحمد ايزيد بيه بأربع تهم من الوارد عدم تجاهلها من طرف من يتهم بها خاصة من طرف مسؤول كبير مثل ايسلكو، وهي: "التشويش على القضاء"، "الارهاب الفكري"، "تشجيع الإفك"، "الاستئثار بقيم الدين لأغراض معروفة". وسبب كل ذلك جملة في تدوينة قلتُ فيها حرفيا: "صديقي سيدي محمد ولد بلعمش صحفي جاد، وموقع "مراسلون" من المواقع الهامة في البلد، كل محاولات إسكاتهما ستفشل!"، هذا فقط.
ما قام به ولد يزيدبيه ينسجم تماما مع مساره المهني والسياسي في عدم النزاهة الفكرية وضعف الأمانة وفي التناقض والخَوَر، فكيف يعتبر التعليق على ملف بين يدي القضاء تشويشا وهو يدبج المقالات والتدوينات دفاعا عن متهمين _ نعم متهمين _ من طرف المؤسسة التشريعية الوحيدة في البلد، مؤسسة هو أحد الركائز السياسية التي زكت انتخابها وربما ترشيحات أغلبيتها؟! وهو اتهام مصحوب بأدلة ووثائق وشهادات وليس مجرد انفعال من شخصية عامة كُتب عنها خبر بغض النظر عن دقته من عدمها وهي احتمالات مطروحة كلها في بلد لم يضمن ولوج الصحافة للمعلومة، بلد كان ولد يزيد به يقود فيه حزب الحاكم، وديوان الرئيس، ووزارات منها التجهيز والخارجية، وبعض السفارات مع الأسف، أي بلد تقوده نخبة مثل ولد يزيد بيه غطرسة وتعقدا وتزويرا وإفسادا، فكيف تحصل فيه الصحافة على الأخبار؟! هذا مع أني لم أتطرق أصلا للخبر ولا المخبور عنه رغم تفرجي بعض الأوقات على ما ينشره من أباطيل وتزوير.
تهمة "الإرهاب" الفكري، لا تتجاوز افتئاتا يخدم اقتيات ولد يزيد بيه وأمثاله من عبدة الدكتاتوريات المعقدين على ذكر "نبتة الإرهاب" فهي قوتهم ومصادر رزقهم ووقودهم السياسي ومفاتيح ولوجهم إلى مداخل رضى "بطارينهم"، رغم إفلاس هذا الخطاب وسخافته، فأي إرهاب فكري في جملة تعاطف مع صحفي يساق إلى المحاكم؟!
أما "تشجيع الإفك" فلا أعرف أي إفك يقصد الرجل، لكني أجزم أنه وغيره من المسؤولين الذين أفسدوا البلد طيلة السنوات الماضية وظلموا وطغوا وأقصَوْا لا يتوفر فيهم من العفاف ما يُحد به قاذفهم، فشرط عقوبة القاذف عفة المقذوف كما يعرف معاليه، وأن الأصل تهمتهم حتى يثبت العكس فمسارهم في السلطة وسلوكهم في الإدارة، وأخلاقهم العامة وسيَرهم وواقع بلدهم وشعبهم تحت سلطتهم وسطوتهم، كل ذلك يدينهم.
"الاستئثار بقيم الدين لأغراض معروفة" وهي بيت القصيد عند صاحب المعالي، فعقدة الدين والتدين والمتدينين تلاحقه في كل جزئيات حياته، لكن ما هي قيم الدين التي حاولتُ الاستئثار بها؟ متى؟ وأين؟ وكيف؟ أتمنى أن أجد جوابا واضحا. لا شك أن دكتورا هذا منهجه في الكتابة _ وضعف جرْ الموجب _ يستحق صفرا في الأسلوب وإنذارا في السلوك، وتوبيخا في الأخلاق العامة..
اختار ولد يزيد بيه تدوينتي عن ولد بلعمش مع تدوينتين للرئيسين جميل منصور ومحمد غلام، من بين مئات التدوينات التي تتضامن مع هذا الصحفي، وهي رسالة يستعطف فيها "بطارينه"، أن انقذوني فهاهم خصومكم السياسيين يقاتلونني وحدي وأقاتلهم، لكنها رسالة في غاية السخافة في الوقت نفسه لأن من تعاطفوا مع بلعمش من اتجاهات سياسية وفكرية مختلفة ومن مؤدلجين وغير مؤدلجين ومعارضين وموالين ومستقلين، من عموم أنصار حرية الكلمة والعمل على تكريس الحريات وهي مدرسة لا يمكن لأمثال ولد يزيد بيه من ركائز الدكتاتوريات والإفساد إلا أن يهاجموها، ولو بطريقة انتقائية وبصيرة عمياء.
لقد شرّفَ ولد يزيدبيه تدوينتي بتوأمتها مع حروف جميل وغلام، رغم إدراكه التام أنني لم أشترك معهما أي حزب سياسي ولا مؤسسة سياسية، وقد لا أشتركه معهما رغم احترامي الشديد لهما ولأثرهما الإيجابي في الشأن العام، وتضحيتهما ضد أنظمة يمثل ولد يزيد بيه وأمثاله ركائزها وخطوطها الأمامية.
وكما "لا يؤخذ العلم من كذاب" فإنه لا ينبغي أن يؤخذ الخبر ولا الرأي من أشخاص غير نزيهين، وولد يزيد بيه لم يكن نزيها حين أهمل 99.99% مما نشر عن ولد بلعمش، ولم يكن نزيها حين انتقد التعليق على ملف بين يدي القضاء _ لمن علق على الملف _ في وقت وقع في أبعد من ذلك بخصوص ملف التحقيق البرلماني، وبالمناسبة قد نشر الرجل بعض المعلومات الكاذبة في مسار التحقيق معه، كما جنى ظلما وبهتانا على أشخاص تعاطفوا معه وجبن أمام آخرين جرجروه وتحدوه، وذلك بسبب بحثه عن جسور يقتات بها على قوى معينة يتزلفها ولو كذبا. ولم يكن نزيها حين تكلم عن "الاستئثار بالدين لأغراض معروفة"، فهي تهمة في غاية الحمق والتزييف، إذ كيف يستأثر أحد بالدين؟ هل يظنه ميزانيات قطاعات حكومية أومناصب تنفيذية يمكن احتكارها للمقربين؟!
لا تهمني معارك ولد يزيد بيه وخصومه السياسيين أو الايديولوجيين، ولم ولن أدخل تلك العبثيات والطواحين فما يشغلني من واقع بلدي اجتماعيا وتنمويا وسياسيا الخ أولى، لكن عليه وعلى غيره أن لا يحاولوا الزج بي في معتركهم هذا.