الإعلام في العصر التقني المتقدم لم يعد فقط هو الذراع الأيديولوجي للعولمة بل أصبح كذلك أداة التعبير الأولى لدى الدول والحكومات لنقل صورتها إلى الخارج والوسيط المؤتمن بينها وبين شعوبها لتوضيح سياساتها وبرامجها وجلب المزيد من التأييد الشعبي لها ولا يكون ذلك مفيدا ومجديا إذا لم يعتمد المصارحة والمكاشفة أتحدث هنا عن الإعلام المسؤول الملتزم بالواجب الوطني وبأخلاقيات المهنة والذي يحترم في الوقت نفسه خصوصيات الأشخاص
ولكن للأسف شهدت الآونة الأخيرة احداثا متكررة لست أدرى ما ان كانت لها صلة بقانون الصحافة الذي تمت الموافقة عليه في الفترة الأخيرة أم لا استوقفني منها حدثان هما: تراجع مساحة الحرية في التعبير عن الرأي في الإعلام الرسمي وبالأخص التلفزيون الرسمي والإذاعة العمومية بشكل غير مسبوق ومصادرة الآراء بشكل يذكرنا بالعهود الاستثنائية تراجع نجم عنه صعود للإعلام الخصوصي للإذاعات والقنوات التلفزيونية الخصوصية -على علاتها- والتي أصبحت تجتذب المزيد من المشاهدين والمستمعين نتيجة للإحباط المتزايد من مشاهدة وسائل الإعلام العمومية والاستماع إليها ولا أخفيكم مدى الشعور بالهوان عندما أسمع معلقا ينقل نقلا مباشرا انطلاقا من الحنفية الرابعة؟ هذا فقط على سبيل المثال هل يقدر المسؤولون عن القطاع مقدار الضرر والسخرية حتى التي يتعرض لها من يشاهد او يستمع الى ذلك المحتوى من غير الموريتانيين ؟
الظاهرة الأخرى هي استهداف الصحفيين وحبسهم وهذا الأمر لا يليق في دولة القانون وتكون المصيبة أكبر عندما يكون اصحاب الدعوى شخصيات نافذة سواء أكانوا رجال أعمال او وزراء أو وزراء سابقين ...الخ
بهذه المناسبة فإنني أعلن عن تضامني مع الإعلام المهني ومع الصحافة المسؤولة التي تحترم القانون وأعلن تضامني خاصة مع الأخ المدير الناشر لموقع مراسلون المحترم الأستاذ سيدي محمد بالاعمش ولهذه الاسباب فإنني أدعو إلى وضع حد لهاتين الظاهرتين من جهة للتردي المستمر لأداء مؤسسات الإعلام العمومي خصوصا والذي يظهر اولا في رداءة المحتوى وفي إغراق مؤسساته بجيوش من الهواة الذين ليست لهم دراية بالحقل ولا بمتطلباته وبالتالي فهم يشوهون عن قصد أو عن غير قصد صورة البلد الخارجية
يجب ان نعلم بأن إعلامنا لم يعد ملكا لنا فهو صورة وصوت منقولان عبر الأثير والأقمار الصناعية الى جميع أنحاء العالم الى العدو والى الصديق على حد سواء فلنحسن صورة البلد لدى مواطنيه أولا ولنجدد ثقتهم فيه وفي حكومته ولنحسن صورته في الخارج بتصحيح أوضاع الإعلام الرسمي
اما الإعلام الخصوصي المسموع والمرئي (التلفزيونات والإذاعات) فلم يصل منذ البداية إلى المستوى المطلوب نظرا لعوائق هيكلية معروفة لدى الجميع ليس هذا مجال الحديث عنها يكفي أن هناك حاليا قنوات تلفزيونية خاصة ينقطع فيها الإرسال لساعات وأحيانا أثناء البث الحي المباشر بسبب لا يمكن لأحد منكم أن يصدقه: تعطل المولد الكهربائي الذي يزود القناة بالكهرباء بسبب نفاد الوقود !!!
هل يمكن لصورة البلد الداخلية والخارجية ان تظل رهينة لأوضاع كهذه ؟!
آن الأوان ان نقول جميعا كفى لرداءة المضامين والإضرار بصورة البلد وحكومته في الإعلام العمومي وللتضييق على الصحفيين المهنيين