“القدس العربي”
تعد الأمم المتحدة لسحب جزء هام من موظفي الخاصة بنزاع الصحراء في حالة اندلاع نزاع مسلح بين المغرب وجبهة البوليساريو بسبب معبر الكركرات المؤدي إلى موريتانيا، وبدأت أصابع الاتهام توجه إلى المنظمة الأممية بالمسؤولية عن التوتر المتصاعد في المنطقة بسبب عدم تعيين مبعوث خاص للنزاع.
ويعود التوتر إلى قرار البوليساريو عبر من تعتبرهم نشطاء المجتمع المدني بإغلاق معبر الكركرات، الممر الاقتصادي بين المغرب وموريتانيا. وتبرر البوليساريو العملية بتنافي المعبر مع ما هو منصوص عليه في اتفاقية إطلاق النار الموقعة سنة 1991. وبالموازاة مع هذه الخطوة، أقدم صحراويون موالون لجبهة البوليساريو على تأسيس لجنة اسمها “لجنة مناهضة الاحتلال المغربي للصحراء الغربية” وترأستها أميناتو حيدر. وهددت البوليساريو في بيانين آخرهما منذ ثلاثة أيام وفي تصريحات متتالية لمسؤوليها بإعلان الحرب في حالة ما إذا اعتقل المغرب أي فرد من هذه اللجنة البالغ عددها 33 شحصا أو أرسل أي جندي أو مدني إلى معبر الكركرات.
وتجاوزت البوليساريو الكركرات إلى المنطقة المطلة على المحيط الأطلسي، وبهذا تكون قد فصلت منطقة لكويرة الشهيرة، علما أن البوليساريو تزور المنطقة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وكان زعيم الجبهة إبراهيم غالي قد زار هذه الشواطئ منذ شهور.
في الوقت ذاته، عززت الجبهة من وجودها شرقي الجدار الفاصل. وكان ملك المغرب محمد السادس قد نبه إلى هذا في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء الأسبوع الماضي، حيث قال: “هنا نؤكد رفضنا القاطع، للممارسات المرفوضة، لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعية بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة”.
وتهدف البوليساريو من خلال هذه التطورات التصاعدية إلى دفع الأمم المتحدة للعمل من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير، لا سيما بعد فتح 16 دولة قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة في الصحراء. ويرفض المغرب هذا الحل، ويعتبره متجاوزا بفعل التطورات خلال العقدين الأخيرين ويطرح كبديل الحكم الذاتي.
ويقول المحلل السياسي صبري لحو في مقال في الجريدة الرقمية “ألف بوست” أن البوليساريو تهدف من وراء هذه التحركات لفرض سيناريو جديد، من عناوينه “فرض تقسيم الصحراء” بسيطرتها على المنطقة التي تقع وراء الجدار. وفي الوقت نفسه، يأخذ على المغرب التراخي في عدم رصد نوايا البوليساريو منذ مدة.
ووسط كل هذا، حشد المغرب قوات عسكرية بالقرب من منطقة الكركرات وفق الصحافة المغربية. بدورها نشرت موريتانيا قوات عسكرية على حدودها الشمالية، حسبما أكدت الصحافة الموريتانية أمس الثلاثاء. وتمركزت قوات البوليساريو في عدد من المناطق وراء الجدار الفاصل في الصحراء.
وتشير أصابع الاتهام إلى الأمم المتحدة بحكم عدم احتوائها الوضع، إذ لم يعالج مجلس الأمن التابع لها في قراره الأخير الصادر نهاية أكتوبر الماضي مشكلة معبر الكركرات، ولم تدعُ الأمم المتحدة الى اجتماع بين الأطراف لامتصاص التوتر، ولعل أكبر خطأ ارتكبته هو تأخرها في تعيين مبعوث خاص لنزاع الصحراء بعد استقالة المبعوث الأخير هورست كوهلر منذ سنة ونصف.
وتجد الأمم المتحدة نفسها في موقف حرج بعدما بدا البوليساريو لا تأخذ بعين الاعتبار مطالب قوات “المينورسو” وتتهمها بالانحياز للمغرب. وترفض البوليساريو أي دور لـ”المينورسو” في أزمة الكركرات باستثناء إغلاق المعبر.
ووسط هذه التطورات، علمت “القدس العربي” من مصادر رفيعة، أن الأمم المتحدة طلبت من إسبانيا الاستعداد لاستقبال أغلبية موظفي “المينورسو” في حالة اندلاع الحرب بين المغرب والبوليساريو. وسيتم استقبال الموظفين في جزر الكناري المقابلة للصحراء. وكانت الأمم المتحدة قد سحبت بعض موظفيها إلى هذه الجزر الإسبانية عندما اندلع نزاع بينها وبين المغرب حول دور “المينورسو”.