فِي المقدمة المكتنزة التي استهل بها العلامة Aref Hijjawi - عارف حجاوي، معجمه العالي الذي أوقفه على الإعلاميين، وسماه: "اللغة العالية"، أشار بشيء من التقريع والتبكيت إلى مذهب المُخطِّئة، أو من أسميهم: "المصححون الفضوليون"، بالمعنى القانوني للكلمة الأخيرة..
جاء بعض الإشارات بإيحاء لطيف، بينما جاء بعضها بعبارات "حاسرة الرأس"، وإن بنكهة ظريفة..
بدأ المقدمة بقوله: "وجه الصواب غائم في الفصحى المعاصرة"، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب منها: "التصلب اللغوي الذي يتجلى في الإصرار على أن اللغة لا تتغير"، ثم مضى في المقدمة فصاغ منهجه في المعجم: <<..ننشد الكلمة الفصيحة، ونحترم الشيوع، ونسعى إلى الدقة، ولا نفتح بابا للتخطئة..>>، وهذا خلاف منهج المخطئة..
في مباركته لمنهج مجمع اللغة العربية في مصر، "لَفَّ قدمه" للقوم، فقال: <<..ناظرين إلى ذلك الاتجاه المبارك الذي اتخذه مجمع اللغة العربية بمصر، أنشط وأقوى المجامع، في العقود الأخيرة، إذ حكم بصواب مئات الألفاظ والأساليب الدارجة في الإعلام التي كانت حتى عهد قريب مما يعتبره أهل (قل ولا تقل) من الخطأ المرذول..>>..
الإشارة الدامغة إلى القوم، جاءت طريفة، في الكلمة عن مصادر الكتاب، فبعد استعراضها، قال المؤلف: <<..وأما كتب الصواب والخطأ فهي كالزبانية، ألقينا عليها التحية ولم نجادلها..>>، وعسى أن يفهم المخطئة من هذا الوصف والتجاهل، أن دورهم في الحركة الدائبة للغة ليس بالأهمية التي يتوهمون..
لا أعرف لماذا حين قرأت هذا الوصف لكتب الصواب والخطأ، تذكرت موقف القاضي أبي بكر بن العربي رحمه الله من كُتُب المنتمين للوعظ..(في العواصم من القواصم/ النص الكامل ـ تحقيق الدكتور عمار طالبي ـ مكتبة دار التراث ـ ط الأولى ـ ص 370)..
طريف ودَالٌّ وصف المؤلف حبه للعربية بأنه "ليس حبا من أول نظرة"، وعميق قوله: "اللغة ليست تفاعلا كيمياويا منضبطا بشروط معيارية، بل تفاعل بشري يتم في ظروف شديدة التنوع.."..
كتاب: اللغة العالية للعلامة عارف حجاوي، أهداه لي زميلي العزيز فضيلة القاضي الني الطالب أحمد، فله مني عظيم الشكر..
اللجنة الاستشارية (ألفبائيا) للكتاب، ضمت خمسة أشخاص، من بينهم: أحمد فال الدين، و محمذن باب أشفغ..