الرسالة أدناه (المرفقة) موجهة إلى أحد الذين شملتهم اللائحة التأهيلية التي سيختار منها رئيس الجمهورية من سيتولى رئاسة جامعة نواكشوط في السنوات الأربعة القادمة، وقد حُرِّرت بلغة واحدة ، وغالب الظن ان نسختها الموجهة إلى رئاسة الجمهورية على شاكلتها، وهو أمر يحمل مزيدا من الاستخفاف والتلاعب بلغتنا الرسمية وسائر لغاتنا الوطنية.
نفهم بألمٍ ممض ان واقعنا البائس يعززه عضُّ نواجذ وضاحك وناب بَعض ( نخبنا) يفرض الْيَوْم تحرير اغلب وثائقنا باللغة الفرنسية، لكن ليس الى حدٍ يجعل هؤلاء مستفزين وجارحين لفرضها لغة البلاد الرسمية والوطنية الوحيدة!!
الا يفترض وفق ما به العمل في دول العالم ان يستوعب المسؤول في الدوائر الرسمية بان استعمال اللغة - كتابة أو نطقا- في اداء مهامه ليس اختيارا تواصليا أو قرارا ذاتيا وإنما تحدده الوثيقة الدستورية التي نصت عندنا على اللغة الرسمية واللغات الوطنية بشكل دقيق مفصح عن حقيقة موريتانيا اللغوية وتعددها الاثني والقومي قصد حمايته والدفاع الدائم عنه.
فالاستهانة بالمادة السادسة من الدستور عمت به البلوى، سُفلاً وعُلوا، لكن لم نتصور وصول جائحته إلى حد يحصل فيه سكوت وإجماع من ستسند لهم أهم وظائف التدبير المعرفي والأكاديمي قبول مراسلة في مسابقة رسمية لا توجد منها نسخة من بين أخريات على الأقل بلغة البلاد الرسمية، كيف يحتاج من ستسند اليه هذه الوظيفة الى التذكير والوعي بأهمية احترام سيادة بلده اللغوية و توافقه المجتمعي ، كيف لا يملك الحد الأدنى من فطرة المقاومة والاعتزاز بالذات والأنا الجماعي يواجه به وهو منتصب القامة مجموعات تربّح لفرانكوفونية التي تسعى تحت مظلتها دون حياء لإعادة الروح في جيل جديد منفصل عن هويته مخاصم لدستور بلاده.
كيف لا يطالب ويفرض أساتذتنا ونخبة أكاديميينا ان تصلهم الرسالة بنسخ متعددة منها واحدة على الأقل بلغة البلاد الرسمية.
للأسف الشديد لم يأخذ المنتفعون من دوائر لفرانكوفونية في موريتانيا الا ما هو سيئ وضار من هذه الثقافة العظيمة، التي قدمت للبشرية كثيرا من المساهمات والأرصدة الثقافية، لم يأخذوا من الفرنسيين اعتزازهم بلغتهم، وما عبر عنه جاك شيراك خارج قاعة اجتماع الاتحاد الأوربي حين انسحب منها لان رجل الاعمال الفرنسي إيرنست سيلييه ألقى كلمته بالانجليزية، وخاطب الصحافة عند انسحابه قائلا: ( لقد صُدمتُ لرؤية فرنسي يعبر عن نفسه بغير اللغة الفرنسية) .
اما نحن فصدماتنا قديمة و خطواتها متوالية وبإيقاع مثل ( خبطاتْ آسفلْ) كلما تقدمت، ازدادت ايلاما وإيذاء للجسد والروح ...