نشر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، الصادر في النصف الأخير من أغشت الجاري، القانون رقم 015 – 2020، المتعلق بمكافحة التلاعب بالمعلومات، الذي سمي في وسائل الإعلام بـ"قانون المدونين".
وقد أثار هذا القانون جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي، فالمدونون يرون فيه "محاولة لتكميم الأفواه ومصادرة الآراء"، مستدلين على ذلك بأن "لا ضرورة تدعو إليه، وبأن هناك ما هو أولى وأحوج إلى التنظيم من مجال التدوين وتداول المعلومات".
مضيفين أن "الظروف الاستعجالية التي أُقِرَّ فيها القانون مريبة"!
والمدافعون عن وجهة نظر النظام الحاكم يعتقدون أن القانون "لا يعدو تنظيما للمجال وتهذيبا له"، فـ"الحرية إذا لم ينظمها القانون ويسددها تنقلب فوضى"، حسب تعبير هؤلاء.
"مراسلون" تقدم فيما يلي قراءة سريعة في "قانون مكافحة التلاعب بالمعلومات": دواعي الإقرار، الجرائم التي يستهدفها القانون، والعقوبات المترتبة عليها.
ما دواعي إقرار القانون؟
نصت المادة الأولى من القانون على أنه "يهدف إلى ضمان النفاذ إلى معلومات دقيقة وموثوقة، من شأنها تعزيز حرية التعبير والإعلام، في إطار احترام القيم الديمقراطية والحقوق الخاصة بالغير، وذلك دونما مساس بالقوانين ذات الصلة.
كما يهدف إلى منع ومعاقبة جرائم التلاعب بالمعلومات بصفة عامة ولاسيما خلال فترة الانتخابات والأزمات الصحية وغيرها من الأزمات مهما كانت طبيعتها".
يتضح من هاتين الفقرتين أن الأحداث الأمنية التي صاحبت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة وأزمة "كورونا" كان لها دور بارز في إقرار القانون، ويعضد هذا الاستنتاج تكرر مفردات في نص القانون من قبيل "الانتخابات، الاقتراع، الأصوات، الأزمات الصحية، تدمير، تدهور، تخريب، كارثة، نقصان المواد، ارتفاع الأسعار، جودة السلع..."، كما يؤكده أيضا استعراض الجرائم المنصوص عليها في القانون.
ومهما يكن الأمر فإن فرض تلك الأحداث للقانون أمر لا يمكن أن يكون محل انتقاد؛ فالقانون قبل كل شيء "وليد حاجة مجتمعية".
ما الجرائم التي يعاقب عليها هذا القانون؟
استهدف القانون:
نشر المعلومات الكاذبة؛
وإنشاء الهوية الرقمية المزيفة (تدخل فيها حسابات الأسماء المستعارة)؛
ونشر الأنباء الكاذبة؛
والتواطؤ وهو إعادة نشر معلومات كاذبة يترتب عليها استفزاز الجاني حتى يرتكب جريمة أو جنحة؛
ونشر الأخبار المفبركة؛
والتدمير أو التدهور الخطير، ويدخل فيه "كل من بلغ أو كشف معلومات كاذبة بهدف الحمل على الاعتقاد بأن تدميرا أو تدهورا أو تخريبا خطيرا سيلحق أو لحق بالأشخاص أو أن نقصا في بعض المواد سيحدث؛
المزاد ويعني التسبب، من خلال نشر معلومات كاذبة بأي وسيلة كانت، أو باستخدام أي وسيلة احتيالية أخرى، في ارتفاع أسعار أو جودة السلع أو الأشياء أو الخدمات أو في هبوطها المصطنع ولاسيما في وقت المزادات؛
اختلاس الأصوات عن طريق أنباء كاذبة أو شائعات تشوه السمعة أو مناورات إلكترونية احتيالية، بسرقة أو اختلاس أصوات، أو حمل ناخب أو ناخبين على الامتناع عن التصويت؛
إنهاء البث خلال الأشهر الثلاثة السابقة لليوم الأول من شهر الانتخابات وحتى إعلان النتائج، عندما يتم نشر معلومات كاذبة من شأنها أن تغير نزاهة الانتخابات المقبلة، عمدا أو بشكل مصطنع أو آلي ومكثف من خلال خدمة اتصالات عامة عبر الإنترنت، يجوز لقاضي الأمور الاستعجالية، بناء على طلب النيابة العامة أو أي مترشح أو أي حزب أو مجموعة من الأحزاب السياسية أو أي شخص له مصلحة في التصرف ودونما مساس بإصلاح الأضرار المتكبدة أن يأمر بجميع التدابير المتناسبة والضرورية لوقف هذا النشر.
ما العقوبات التي رتبها القانون؟
تراوحت العقوبات في قانون مكافحة التلاعب بالمعلومات بين الحبس ثلاثة أشهر وخمس سنوات، والتغريم بـ 50000 أوقية و500000 أوقية، وهي على كل حال من أسهل العقوبات المرتبة في القانون الجنائي الموريتاني.
ويلاحظ أن أقصى عقوبة في القانون رتبت فقط "عندما يكون من شأن النشر أو التوزيع أو الاستنساخ أن يقوض انضباط الجيوش أو معنوياتها أو أن يعرقل المجهود الحربي للأمة، وذلك دونما مساس بالعقوبات الواردة في قوانين أخرى.