في العام 1975 و تحت بيت من قصدير كأغلب الموريتانيين ولد المركز الصحي بالسبخة. و علي امتداد هذه السنين كان كثير النشاط. يعود الفضل في ذلك إلي موقعه الجغرافي بين سوقين في منطقة ذات كثافة سكانية عالية.
في العام 2002 اختارته وزارة الصحة لبداية تجربة برنامج التكلفة الجزافية للحمل. و في هذا الإطار تم تحويلي إليه.
أول ما يتبادر من الوهلة الأولي هو خصوصية هذا المركز. فهو يتكون من :
• قسم للعمليات الجراحية ممول من التعاون الفرنسي
• أدوية و مستلزمات طبية لمدة سنة هبة من التعاون الفرنسي
• توسعة قاعة الولادة ممولة من التعاون الفرنسي
• مكاتب الاستشارات الخارجية ممولة من هيئة الرؤية العالمية الأمريكية
• مركز لتغذية الأطفال و مختبر بسيط هدية من التعاون الاسباني.
بعد إدخال العمل ببرنامج التكلفة الجزافية و تحويل الأطباء الأخصائيين قفز عدد الولادات في المركز من 4200 سنة 2002 ليصل حدود 8000 سنة 2006 محتلا بذلك المرتبة الأولي وطنيا و هي المكانة التي ظل فيها حتى العام 2017 ساعة خروجي من هناك.
و بالرغم من شح الموارد البشرية و المادية للمركز ظلت نسب وفيات الأمهات و الأطفال حديثي الولادة قريبة من شبيهاتها في المراكز الوطنية الكبرى ذات الإمكانيات الكبيرة.
و أمام هذا الحجم من العمل و انعكاساته الايجابية علي التكفل بالمرضي طالبنا مرارا و تكرارا تحويل المركز إلي مستشفي جهوي لكن الوزارة الوصية رفضت ليظل المركز كما هو و بميزانية أقل من العيادة المجمعة التي لم تكن تتوفر ساعتها علي قاعة للولادة.
تجدر الإشارة إلي صعوبة و قساوة بيئة العمل في هذا المركز :
1. انعدام تام للأمن مع حلول الليل حيث تتخذ مجموعات من صغار اللصوص ساحة المركز مكانا للعب القمار و استعمال بعض المواد الممنوعة
2. غياب ماء شروب
3. غياب مراحيض
4. انقطاعات شبه يومية للتيار الكهربائي
5. نقص حاد في المصادر البشرية : غالبا ما كان المركز يتوفر علي فني وحيد في التخدير و بعض "المتطوعين " الذين توكل إليهم مهمة مراقبة المرضي المحجوزين و قد يكون من بينهم مرضي إنعاش.
و من المتناقضات العصية علي الفهم أن هذا المركز يشكل قبلة سنوية لكبار المسؤولين : رئيس الدولة السيدات الأول رئيس الوزراء و وزراء الصحة.
و من المضحكات المبكيات كذلك أن مقعد عمدة المقاطعة و مجلس الشيوخ شغلته لأكثر من عقد من الزمن سيدة هي في الأصل قابلة و زوجة رئيس الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية.
العمال الذين يمثلون حجر الزاوية تمكنوا رغم العراقيل من المحافظة علي مستوي مقبول من جودة الخدمات و ذلك بالرغم من المستوي المتدني للتحفيزات المادية (علاوات المداومة تأخرت أكثر من سنة) و المعنوية ( التوشيح الوحيد حسب علمي كان من نصيب فني في التخدير محال علي التقاعد استجديته شخصيا من وزير الصحة بمناسبة الاستقلال سنة 2009).
و" تثمينا" منها لهذه الجهود لم تجد الوزارة أحسن من تحويل الطبيبين الأخصائيين الذين يعتمد عليهما المركز دفعة واحدة فكانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير. سوء تقدير أم عمل محسوب؟ خم.
بعد أن كان هذا المركز يسمي <مصنع الأطفال> صار اليوم مجبرا علي إيقاف خدماته عند الخامسة عصرا دافعا بآلاف الفقراء الذين تعودوا علي خدماته منذو ثلاثة أجيال إلي المراكز ألكبري و التي ليست في متناولهم لا جغرافيا و لا ماديا إضافة إلي تعقيداتها الإدارية.
سيدي الرئيس سيدي الوزير تذكروا مثلنا الشعبي أهون اعشاه من قتلو و أعطوا مركز السبخة الإمكانيات المادية و البشرية و الإدارية و لانكم لاه اتراو اعليها ماه الخير.
د. محمد عبد القادر
مسؤول قسم الولادة في السبخة 2002-2017