تؤدي الدولة مجموعة من الوظائف التقليدية، منها حفظ النظام وأمن البلد وكذا توفير الخدمات عن طريق المرفق العمومي ،والخدمات التي تقوم الدولة بتوفيرها هي تلك التي يتم تقديم بعضها في إطار ما يعرف بالمؤسسات العمومية بمفهومها الواسع.
إن المؤسسات العمومية عبارة عن شخصيات معنوية تقوم الدولة بإنشائها وبتكليفها بمهام معينة ثم تمنحها الاستقلال الذاتي والمالي من أجل تسيير المرفق الذي تختص به.
ينظم القانون مؤسسات الدولة ويحدد لها هيئات إدارية لتسييرها ،ويعتبر مجلس الإدارة الجهة المختصة باتخاذ القرارات في المؤسسة، والمدير العام هو المسير الذي ينفذ قرارات وتوجيهات مجلس الإدارة ويمارس عمله تحت وصايته. وتنبثق من مجلس الإدارة لجان للتسيير حيث يختار المجلس من بين أعضائه مجموعة من الأفراد تعمل على مراقبة تنفيذ الإدارة العامة لتوجيهات وتوصيات مجلس الإدارة.
لقد انتقلت المؤسسات في الفترات الأخيرة إلى مؤسسات تحت وصاية مجموعة من "اللوبيات" ،ثم انتقلت بعد ذلك مؤخرا إلى مؤسسات تحت وصاية مسيرين يخضعون مباشرة لأوامر وتعليمات "الحاكم الأول" وبالتالي تم تعطيل دور هيئات الإدارة ليصبح الدور فقط للمدير العام الذي تم اختياره على معيار أساسي ألا وهو استعداده التام لتنفيذ أوامر الحاكم وليس تنفيذ سياسات وقرارات مجلس الإدارة، و كل مسير حاول الخروج عن وصاية الحاكم في تسيير مهمته تمت تنحيته. وهذا الأمر جعل الاستقلالية التي تنص عليها القوانين تصبح في مهب الريح، وهي التي كان من شأنها أن تحمي المؤسسة ومصالحها وسياساتها ووجودها كمؤسسة.
إن هذه الوضعية الناتجة عن اختيار مسير خاضع للأوامر ولا يمتلك حرية وليس له رأي مسموع، قد نشأ عنها وضع داخلي في المؤسسات يتميز بظهور مجموعة يكون المسير قد اختارها على أساس طبيعة تلك المهام المتفق عليها سلفا بين المسير والجهة التي يتلقى منها الأوامر.
ومن المؤكد أن طبيعة هذه المهام لا تتماشى مع مهام ومصالح المؤسسة.
إن هذه الوضعية تؤدي إلى تعطيل الطاقات البشرية الداخلية لأن من يختارهم المسير عليهم فقط أن يتمتعوا بميزتين اثنتين؛ أولاهما تنفيذ الأوامر والثانية كتمان ما يدور داخل المؤسسة، وبالتالي فإن المسير يقوم بتشكيل حلقة ضيقة حوله بحيث ينجم عن ذلك تهميش واضح للطاقات البشرية من ذوي الكفاءات، ومعلوم أن الطاقات البشرية هي الأساس الذي تنبني عليه أي تنمية منشودة،
وبتهميشها يتم تهميش مصالح الرقابة الداخلية مما يُسَهِّل سقوط ونهب المؤسسة.
إن هذه الوضعية هي التي أدت بنا إلى أن نصبح أمام ثلاثة أنواع من المؤسسات:
- مؤسسات انهارت وانتهت مثل ENER و SONIMEX و اخري في طريقها الي السقوط مثل شركة الطيران.( بحكم خبرتي و تجربتي في القطاع)
- مؤسسات متعثرة مثل SOMELEC و SNDE (و SNIM التي لولا ارتفاع أسعار الحديد لكانت في الهاوية)
- مؤسسات أخرى معطلة Standby لا هي انتقلت الي رحمة الله و لا هي عاشت لينتفع منها الشعب، و هي كثيرة. و منها كمثال المنطقة الحرة التي تراجع دورها بالنسبة للقوة التي انطلقت بها في بدايتها.
في الأخير وبعد هذا العرض الموجز و رغم مؤشرات احترام استقلالية المؤسسات من الحكومة الحالية، يتبين لنا جليا أنه لا يمكن انتشال المؤسسات العمومية من الوضعية التي ترزح فيها حاليا بدون احياء هيئات الإدارة وذلك بإرجاع أدوار مجلس الإدارة ولجان التسيير وأيضا مصالح الرقابة الداخلية بوضع أشخاص على رأس المؤسسات يتمتعون بالحجم الذي يسمح لهم بتسيير مؤسسة بكل استقلالية وبانسجام تام مع مجلس الإدارة ولجان التسيير و الرقابة الداخلية و سياسات الحكومة
محمد الحافظ ولد محمد فال