لفت انتباهي تعليقات البعض حول التوجهات الفكرية للإسلاميين أو بعضهم و وصف اجتهادات متداولة في أوساطهم بالعلمانية أو الليبرالية أو غيرها من المصطلحات ذات الحمولة الخاصة و هنا أود الإشارة الى بعض الملاحظات العامة على نية العودة للموضوع في سياق أشمل و ربما في فضاء أرحب :
- يعاني الاسلاميون مشكلة واضحة تتعلق بتعاطي البعض معهم ، فإن حدوا من التجديد في أفكارهم و التطور في مقارباتهم اتهموا بالجمود و التخلف و إن هم أضافوا و جددوا وصفوا بالتحلل و نعتوا بالعلمانية ، و هذه معضلة لا ينجي منها الا التحرر من وقع الاتهام المنتظر و أثر الوصف المتوقع .
- يواجه هؤلاء الاسلاميون - و الوصف هنا لا يخصهم و لا يحرم منه غيرهم - أزمة مع بعض العلمانيين و بعض السلفيين فمشكلة هذا البعض من العلمانيين هي أصالة الاسلاميين فمتى ظلوا عليها محافظين فهم متخلفون مهما جددوا و مشكلة هذا البعض من السلفيين هي حداثة الاسلاميين فمتى تبنوها فهم علمانيون و لو أصلوا و كان لهم من وحي الله و تراث الأمة الدليل أو الداعم و قد صدق الشنقيطي يوما حين قال إن العلمانيين و السلفيين مختلفون في المقدمات متفقون قي النتائج ( العلمانيون يرون الشريعة نقيضا للحرية و السلفيون يرون الحرية نقيضا للشريعة )
- خيار التجديد في الفكر و الاجتهادات خيار مؤسس في الكتاب و السنة أصيل عند علماء الأمة و كبار ائمتها و هو المنهج الأسلم و الأصح للتعامل مع مستجدات الزمان و أقضية العصر و العقول ثلاثة : القيعان التي لا تمسك ماء و لا تنبت كلأ ، و الأجادب و هي المفضولة المرجوحة ، و الطائفة الطيبة التي تقبل الماء فتنبت الكلأ و العشب الكثير ، تلك هي حاجة الأمة اليوم عقل أصيل تعصمه المرجعية من الزلل و الانحراف و يرتقي به التجديد في درجات الاجتهاد منتسبا لزمانه و عصره .
- و يبقى الاسلاميون مع ذلك موضوعا للنقد فلهم أخطاؤهم و تجاوزاتهم و واجبهم أن يرحبوا بالمقاربات النقدية و حقهم على غيرهم أن يقوم و ينصح و ينتقد ، و لكن النقد غير التحامل و التقويم غير التسفيه مع أن في التحامل ما يفيد و من التسفيه نأخذ ما ينفع .