ما إن استيقظ العالم على وباء كرونا واكتوى بلهيب ناره، حتى انخرط في حرب دروس وشاملة ضد عدو أعزل وخفي، لكنه شرس ومدمر، حتى أن البعض راق له أن يسميها حربا عالمية ثالثة لو لا أن الحرب العالمية الأولى والثانية كان العالم فيها منقسم بين جبهات، أما في هذه فإن العالم كله متحد ضد عدوه الوحيد، كما أن الخسائر البشرية والمادية هنا من طرف واحد، أما في الحرب العالمية الأولى والثانية فالخسائر من جميع الأطراف، ومهما يكن فإن الكل متفق على عظم الهول، وجلل الخطب ْوأن التنافس في كسب المعركة والسيطرة في النزال ليس بالقوة العسكرية ولا بالتقدم الإقتصادي والتطور التكنولوجي، وإنما بالتوفيق والتخطيط والتضامن والتلاحم والحذر والانضباط وروح لمبادرة، وهذا مايفسر إخفاق دول عظمي في السيطرة على الوباء، ونجاح دول أخرى هي أقل شأنا، واضعف ناصرا .
والمتتبع للخطوات والإجراءات التي اتخذتها الدولة الموريتانية لمواجهة هذا الوباء، والحد من آثاره ْ والتي شملت عدة محاور:
- محور صحي.
- محور أمني.
- محور سياسي.
- محور اقتصادي واجتماعي.
- محور تحسيسي وإعلامي .
يدرك مدى التفاعل الوطني والتجاوب الشعبي الذي نالت هذه لإجراءات، فما إن فرغ رئيس الجمهورية من خطابه الشامل والمؤثر حول الأزمة حتى انخرط الفاعلون الإقتصاديون وأطر الدولة
في حملات تبرع واسعة وطنية ومحلية، والسياسيون والمجتمع المدني والاعلاميون في حملات توعية وتحسيس. وأظهر الشعب بجميع فئاته تجاوبا استثنائيا مع كل الإجراءات المتخذة -رغم قساوتها المبررة- فحظر التجوال وإغلاق الحدود والمدن والحجز الصحي، بالنسبة لشعب عفوي ومفتوح، هي إجراءات قاسية، لكن الشعب بتفاعله وتجاوبه مع إكراهات الأزمة تقبلها بكل رضى وطمأنينة. حتى أصبح المشهد العام في جميع أرجاء الوطن مشهدا تعبويا معبرا، قرآنا يتلى، هدوء وسكون منذ ساعات المساء الأولى، تعاطف وتراحم وتوادد بين مختلف مكونات المجتمع، دعاء وابتهال وأمل وثقة في الله بقرب انفراج الأزمة واحتواء الخطر.
ولاشك أن جو الهدوء والارتياح الذي كان قد ساد الساحة السياسية بعد انتخاب رئيس الجمهورية محمد ولدالشيخ الغزواني وما تلا ذلك من انفتاح وتشاور شمل مختلف الطيف السياسي والمدني، وما أعقبه من عودة للمبعدين وإنصاف لبعض المظلومين كان له الأثر الأكبر في هذا التلاحم والتفاعل بين القمة والقاعدة، والقيادة والشعب في هذا الظرف الاستثنائي الخاص.