اليوم نعيش ما يمكن ان يعرف بتقنيات التعبير المزدوج نظرا للوضعية الخاصة للعالم و لمجتمعنا ، فقد كان لفريق ادارة ازمة كورونا في بلادنا ان يفكر بعقليتين مزدوجتين عقلية المجتمع الموريتاني في " بساطته" التي تتسم بالانفتاح و اللا مبالات و هو ما يتطلب اتخاذ اجراءات صارمة و رفع جرعة التهديد و الترهيب من وباء كورونا حتى يظن البعض ان نواكشوط بؤرة حقيقية سجلت في الخفاء اكثر من الف حالة اصابة و خمس مائة وفاة، اسلوب تراه السلطات الموريتانية اكثر نجاعة من غيره في السيطرة على الوضع و ترك الموريتانيين في بيوتهم من خلال حملة اعلامية لم يتخلف عنها كبير و لا صغير عالم و لا جاهل الجميع حملوا في سفينة الدعاية ضد كورونا و هو ما اظهر ان الامور على ما يرام و ان هناك تخطيط و برمجة و قيادة للأزمة تعمل على شتى الاصعدة فكانت الاجهزة الامنية تعمل بجد و تسهر على حسن ادارة الجانب الامني في تطبيق حذر التجوال و باقي الاجراءات الاحترازية الاخرى و في الجانب الاخر نجحت وزارة الصحة في اقناع المواطنين من خلال الرؤية الواضحة و الشفافية الكاملة التي كان لها الدور البارز في كسب ثقة المواطنين و طمأنتهم على نجاح المنظومة الصحية في بلادنا و قد كان الدور للابرز للحملة الاعلامية التي قادها المشاييخ و الاطباء و الاعلاميون و كانت القنوات الحرة و وسائل الاعلام الرسمية و صفحات التواصل الاجتماعي ساحة مفتوحة لبث وصلاتها و توجيه بوصلة ازمة كورونا العالمية و كأن بلادنا تعيش حقيقة واقعية لم تعشها و هو ما ينم عن وعي القائمين على هذه المؤسسات و المشاركين في هذه الحملة بشكل عام بدورهم المهني و الاخلاقي اتجاه دولتهم و شعبهم .
و يغتبر نجاح الحملة الاعلامية بشكل عام راجع الى التخطيط المحكم لادارة اللجنة الاعلامية و ما يصدر عنها من توجيهات و تعليمات تنعكس بشكل مباشر على سلوك المواطن في تعاطيه مع الازمة،حيث كانت الوكالة الموريتاتية للانباء رائدة من خلال نشرها و توزيعها الفوري و المجاني لتصريحات رئيس الجمهورية و وزير الصحة و الداخلية و نافذتها اليومية على ازمة كورونا و كانت اذاعة موريتانيا تعمل على مختلف الحبهات و عبر شبكاتها للقيام بدور محوري في التعبئة و التحسيس و هو ما كان له الاثر الايجابي و الجلي على عموم التراب الوطني اما التلفزيون الحكومي فقد ادى دوره بالشكل المطلوب ليأتي تاثير الاعلام الخاص على جمهوره العريض بحملة قوية تمثلت في برامج حوارية و اخرى تفاعلية و تقارير ميدانية و اخرى تحليلية ربطت المواطن الموريتاني بقلب الحدث و اصبحت ازمة كورونا جزء من تفكيره اليومي و كانت صفحات التواصل الاجتماعي تشتعل نارا من شدة ما ينشر عليها من اخبار كورونا و قد تميزت بانها هذه المرة التزمت بالشان المحلي و كانت صريحة في تعاطيها مع الازمة في موريتاتيا ،خلاصة هذه الجهود ساعدت الدولة في السيطرة على الوضع و الوصول الى ما هي عليه الان .
و من هنا اصبح واضحا انه لا بد من القيام بعمل ما انطلاقا من القولة الشهيرة "المهم ليس الوصول للقمة لكن الاهم هو الحفاظ على القمة " و هنا ياتي التفكير بعقلية الدولة التي ترى بعين مصلحة الجميع و هو ما ما يتطلب تحديد مكامن الخلل الذي اصبح واضحا انه في نواكشوط و كيهيدي فكان لزاما على السلطات التعامل مغ الموقف بنوع من الحكمة حتى لا ينفرط عقد السيطرة المذكور فرفعوا سقف التحذيرات من خلال وصف المدينتين ببؤرتين للوباء ،تعبير رفضه البعض و هذا الرفض معقول و منطقي لانه لا يتوافق مع المعطيات على ارض الواقع تصنيف للمدنتين عشية اعلان وزارة الصحة عن شفاء حالتين من اخطر الحالات الخمسة التي اعلن عنها و عن خروج اكثر من ثلاث مائة من المحجوزين امر لا يستسيقه العقل مهما كانت الاسباب و المبررات لكنها استراتيجية التعامل مع واقع خاص لا يعرف حقيقته الا اهل موريتانيا الذين يعرفون حالهم اذا ترك لهم الحبل على القارب في وضع دولي متأزم و خطير .
فعلينا ان نتوقع المزيد من الاجراءات في الايام القادمة لكن في هذا النوع من الازمات مسلمة واحدة مفادها ،"كلما زادت قبضة السلطات زالت حدة الخطر"