كشف جديد عن محطات بارزة في سيرة المجاهد سيديا ولد قطرب / د. سيد أعمر ولد شيخنا

اثنين, 06/04/2020 - 01:35

سيديا ولد أحمدُّ ولد المختار ولد قطرب، فتى من فتيان البيظان، وسيد من سادة وأعيان أولاد ديمان، ينحدر من أسرة أهل قطرب القيادية في مجتمعها الخاص، من فخذ أولاد باب أحمد، بل في عموم فرع أبناء يعقوبنا الله الديمانيين.

عُرف بيت أهل قطرب بن محنض بن الغلاوي بن الفاضل بن بابه أحمد بالمكانة والفضل والسمعة والجاه. وكانت لهذا البيت خؤولات كريمة في قبيلة أهل بارك الله بن أحمد بزيد اليعقوبية، فضلا عن خؤولات في أولاد أحمد بن دمان، وخصوصا بيت الإمارة أهل اعل شنظوره، وكذا في أولاد أبييري، وهو ما أكسبهم علاقات اجتماعية مفيدة ومؤثرة.

لا نعرف بالتحديد متى وُلِدَ سيديا، وإن كنا نعرف أن له ثلاثة إخوة، هما: شقيقاه عبد الله غير المعقب، ومحمد محمود، ومحمد المختار أخوه من الأب، وله أربع أخوات شقيقات معقبات.

تلقى سيديا ولد قطرب تكوينه الديني والعلمي وفق التقاليد العلمية السائدة في بيئته الاجتماعية والثقافية، وبرز سيديا بشكل مبكر فتى لامعا وأديبا مشهورا، تغنى بـ "اغْنَاهْ" كبار الفنانين.

ومن ذلك قوله من "بَتْ بوعمران"، (وقد غناه الداه ولد انگذي في "سَيْنِي كَرْ"):

دُونْ مَرْيَمْ مِنْتْ اعْثَيْمِينْ ۞ بُورْگَيبَ والْعِلْبْ الزَّينْ

واوْلَيِّگْ لَحْمَرْ مِسْكِينْ ۞ وُدونْهَا بالظِّرْبَانْ اتبَانْ

وُذاك معناهَ عَنْهَ بَيْن ۞ تَامْرِزْگيت وُبِالظِّرْبَانْ

 ومنه "گافه" الشهير:

يومْ الْ نَصْبَحْ عند آجغيد ۞ رايح لاگَرْمْ ابجاوِ

يوغد جملِ يالشيخ سيد ۞ المختار الكنتاوي

وفيه صورة من الصور الشعرية الجميلة.

وقوله:

يوم استگبالي ريت ليد ۞ والواسهالي حارنْ

گلبي مزال اعلا اجْغيد ۞ احمادَه وايفجَّارنْ

وقد ترجمه إلى الفصحى الشاعر والقاضي محمدن ولد بارك الله:

عانيت ما لا يُعَانَى يوم توديعي ۞ أرض الجغيد وأكناف الينابيع

فبالجغيد جغيد احمادَ ذو وله ۞ وبالينابيع قلبي يوم توديعي

ولسيديا ولد قطرب أيضا:

ألاَّ بَعْدِنِّ عتْ عبد ۞ الْ حد ولانِي جاحد

يوم امجي لأولاد عبد ۞ - عند أگمون - الواحد

وقد ترجمه كذلك إلى الفصحى القاضي محمدن ولد بارك الله:

قد كدت أصبح عبدا إذ مررت على ۞ خود مِنَ اَبْناء عبد الواحد الفضلا

ولست أكتم أني يوم جئتهمو ۞ لدى أگمون لا أبغي بهم بدلا

وله مشاعرات مشهورة مع ابن عمه أحمدو سالم ولد محمذن ولد محمد الديماني الفاضلي.

من أدب الغزل إلى أدب الجهاد والهجرة

أحرَمْنِي يالرَّبْ امنْ النارْ ۞ عاگبْ ذَ من صَوْعْ الكفارْ

مَرّگْنِ كُولُنَلْ ادْيَارْ ۞ ما نتخمَّمْ عنهَ نرْحلْ

گَسْتْ أطارْ ءُ جَانِي فأطارْ ۞ واتْركْتْ أطارْ إلْ كولنلْ

ءُ گِسْتْ التَّل ءُ لاَنِي باغيهْ ۞ ما نبغِي كنتْ انْگِيسْ التَّلْ

يغيرْ ابْلَدْ كاملْ ما فيهْ ۞ كُولنَلْ ألاَّ متْعدَّلْ

كان حدث الغزو الاستعماري لموريتانيا في مطلع القرن العشرين حدثا مفصليا في شخصية سيديا ولد قطرب المؤمنة الحرة، فما كان لمثله من الأحرار النبلاء أن يسكت على الضيم أو يقبل الخضوع لسلطة الغزاة. ويستشف من طلعته الشهيرة "أحرَمْنِي يالرَّبْ امنْ النارْ"، أنه هاجر عن منطقة الترارزة، موطنه الأصلي، في السنوات الأولى من الاجتياح الفرنسي للغرب الموريتاني، حيث خرج مهاجرا إلى الله ورسوله، ومجاهدا في سبيل دينه ووطنه، رافضا مهادنة المستعمر أو قبول التعايش معه. وتفيد بعض الروايات أن سيديا ولد قطرب ربما يكون قد حضر معركة "النييملان" (رمضان 1324/أكتوبر 1906)، وأن معرفته باعلي محمود بن محمد محمود بن أحمد محمود بن لمحيميد، تعود إلى هذه الفترة، حيث شارك اعلي محمود بالفعل في معركة النيملان. لكن من المؤكد، وفق طلعة سيديا، أنه كان موجودا في مدينة أطار إبان الغزو الفرنسي لآدرار 1908، فمن أين وصل سيديا ولد قطرب آدرار: عبر محور إنشيري أم محور تگانت؟

إنني أرجح، بناء على جملة مؤشرات؛ من بينها تصريح بملاحقة الفرنسيين له من خلال قضمهم المستمر للأقاليم، أنه من الترارزة توجه إلى تگانت عبر البراكنة، ومن تگانت توجه إلى لآدرار، ذلك ما تشي به عبارته: "عاگبْ ذَ من صَوْعْ الكفارْ"... ومع ذلك يبقى من الوارد أن يكون وصل آدرار عبر محور إينشيري، ولاسيما أنه كان على صلة بالمجاهد الأمير سيدي ولد محمد فال ولد سيدي الذي كان مرابطا في هذه الجهة، رغم أنه ربما يكون التقى به فقط أثناء الهجرة إلى المغرب. والمؤكد أنه مع الاجتياح الفرنسي لآدرار قرر سيديا ولد قطرب الهجرة عن وطنه والتوجه إلى جنوب المغرب، الذي لا يزال خارج السيطرة الاستعمارية، ومع أن سيديا ولد قطرب يصرح بكراهية الخروج إلى "التل" والمقصود به هنا "واد نون - واد درعة"، لكن ما دامت هذه الأقاليم عصية على المستعمر تبقى خيارا مفضلا للأحرار والمجاهدين.

........                      ۞ واتْركْتْ أطارْ الْ كولنلْ

ءُ گِسْتْ التَّل ءُ لاَنِي باغيهْ   ۞ ما نبغِي كنتْ انْگِيسْ التَّلْ

يغيرْ ابْلَدْ كاملْ ما فيهْ ۞  كُولنَلْ ألاَّ متْعدَّلْ

بعد سقوط آدرار بيد الاستعمار الفرنسي هاجر العديد من رجال المقاومة إلى جنوب المغرب، الذي كان معقلا لمرجعيات جهادية كبيرة، مثل الشيخ ماء العينين وزاويته المجاهدة، والتي كانت بمثابة الحاضنة للعمل الجهادي ضد الاستعمار الفرنسي. وتشير بعض الروايات إلى أن سيديا ولد قطرب هاجر إلى جنوب المغرب ضمن جماعة الأمير المجاهد سيدي ولد محمد فال ولد سيدي، الذي شارك في جهاد أهل الشيخ ماء العينين هناك، بما في ذلك زحف أحمد الهيبة على مراكش أغسطس 1912، فهل شارك سيديا في معارك الزحف على مراكش، والتي كان للعديد من رجالات البيظان وقبائلهم دور محوري فيها؟

وبعد تطويق حركة الجهاد اتخذ الأمير سيدي ولد محمد فال من عين أولاد جرار موطنا في حماية القائد الجراري، الذي نسج معه علاقات ممتازة.

تزوج سيديا ولد قطرب في منفاه في جنوب المغرب من أم المؤمنين بنت مَالُكِيفْ ولد امحمد شين (شقيقة عيشه بنت مَالُكِيفْ، زوجة الأمير المجاهد سيدي ولد محمد فال) ورزق منها بنتا توفيت صغيرة.

وأم المؤمنين وشقيقتها عيشه أمهما كَمْكُومَه بنت ببكر سيره، التي يقول فيها امحمد بن أحمد يوره رحمه الله تعالى (غنته ديمي بنت آبه في "التحرار"):

قد كنتُ أكتم قدما حبَّ "كمكوما" ۞ فكاد يظهر ما قد كان مكتوما

وكنت أحسبني "يَا بَرَّ" مصطبرا ۞ عنها فأصبح ركن الصبر مهدوما

خود تنسي بمرآها إذا ابتسمت ۞ مدا من العيش مملوحا وميدوما

سيديا ولد قطرب وحركة الشيخ عابدين الجهادية

تعود بداية انخراط الشيخ عابدين في المجهود المقاوم للاستعمار الفرنسي إلى حدود العام 1890، عندما استثمر عابدين نفوذه الديني وخبرته العسكرية في تعبئة الهكار وإسنادهم في عمليات التصدي للزحف الفرنسي القادم عبر الجنوب الجزائري، وبعد احتلال تنبكتو 1894، انتقل إلى الجبهة الجنوبية. وانخرط في عمل جهادي مفتوح على مدى أربعة عقود )1890-1927)، وعلى مساحات جغرافية وبشرية متنوعة (الهكار، أزواد، توات، بشار، فكيك، تابلبالت، تافيلالت، واد درعة). تميز عابدين بقدرة عجيبة على تجميع الصفوف وتعبئة الجهود لمنازلة المستعمرين، كتب عنه المقدم "كلوب" قائد حامية تنبكتو: "عابدين الكنتي: غريبة هي قصة زعيم العصابة هذا، الذي يزرع الفتنة أينما حل أو نزل من اتوات حتى ماسنه. كيف وافق الطوارق على الزحف تحت راية هذا الغريب؟ إنها الهيبة التي تتمتع بها كنته، وخداع عابدين، وسذاجة الطوارق.

ووصفه باحث فرنسي مختص بتاريخ التمدد الفرنسي في الصحراء الجزائرية في الفقرة التالية: "عابدين، يعتبر هذا الرجل دون أدنى شك أحد شخصيات الصحراء الأكثر غرابة وإثارة للفضول، حياته بحق رواية من المغامرات. تجسدت فيه كل الخصال الحميدة والسيئة لرجل الصحراء: المقاومة والمهارة، المكر والخداع، القسوة والصلابة، وقد سخر كل هذه المواهب في خدمة حقده على الفرنسيين".

في إطار مشروع كتابي عن "جهاد الشيخ عابدين"؛ تتبعت أخبار الشخصيات الموريتانية التي التحقت بجهاد هذا المقاوم الأزوادي الشرس، الذي اتخذ من واد درعة مقرا لقيادة عملياته العسكرية ضد الاستعمار الفرنسي في الأقاليم الصحراوية – السودانية. وقد عثرت على شخصيات موريتانية عديدة شاركت في هذا الجهاد المبارك، وقاتلت جنبا إلى جنبا مع قبائل مغربية وجزائرية وصحراوية وأزوادية في ملحمة مثيرة جديرة بالتأمل .
ومن بين الأسماء الموريتانية التي وقفت على تأكيد التحاقها بحلة المجاهد الشيخ عابدين في أعالي واد درعة، شخصية الأديب المجاهد سيديا ولد قطرب، الذي أقام فترة في "حلة" الشيخ عابدين وتولى مهمة تدريس أبناء "الحلة"، وفي مقدمتهم أبناء الشيخ عابدين، وكان ذلك في حياة المجاهد الكبير وفق ما يرويه عدد من أحفاد الشيخ عابدين، وفي مقدمتهم الشيخة سيسة بنت سيد الأمين ولد الشيخ عابدين، والتي توفيت مؤخرا بعد عمر مديد، وقد تميزت بقوة الذاكرة ودقة المعلومات، رحمها الله تعالى.

ومن الواضح أن المضايقة التي تعرض لها جهاد أهل الشيخ ماء العينين، واستقرار المجاهد سيدي ولد محمد فال في عين أولاد جرار، كلها عوامل دفعت المجاهد سيديا ولد قطرب إلى الالتحاق بحلة الشيخ عابدين التي كانت تقود جهادًا أسطوريا ضد المستعمر الفرنسي، والأهم أنها تعتمد في جهادها على قبائل مغربية وجزائرية خارجة عن سيطرة المخزن المغربي والإيالة الفرنسية في الجزائر. ولكن أي معلومات تفصيلية أخرى عند دور لسيديا ولد قطرب ضمن حركة عابدين الكنتي لم نحصل عليها، من قبيل هل شارك في عمليات عسكرية؟ وأين ومتى؟

كل ما كنا نعرفه جميعا، هو أن سيديا ولد قطرب اعتقل وسجن في تنبكتو، وأنه أرسل رسالة عبارة عن طلعة إلى زعيم مشظوف وأميرها الشهير اعلي محمود ولد محمد محمود راجيا منه التدخل لتخليصه من سجنه وغربته، وهي قوله:

هاذِ "لِبْرَ" فيكْ أمانَ ۞ وانّكْ لحَّكْهَ عجْلانَ

وارْجَعْلِي بما أمْكانَ ۞ منْ شِي فيهْ المقصودْ إعُودْ

ءُ كُولْ إلخْيامْ إنِّ ذانَ ۞ فالحبسْ أٌلا عندِ موجودْ

غيرْ امْحقَّقْ عنْ مُلانَ ۞ موجودْ ءُ عنْ لعْمرْ محدودْ

قدَّرْنَ لَ ما ريتْ آلَ ۞ تبلغْ فيهَ فمْ المقصودْ

كَيسْ اعْلِ محمودْ ألاَّ لَ ۞ تتْعَدَّ كاعْ اعْلِ محمودْ

كان الاعتقاد السائد لدى بعض الباحثين، ولدى المحيط الأسري لسيديا ولد قطرب أنه اعتقل في موريتانيا وتم نفيه إلى تنبكتو، على غرار ما حصل مع العديد من المجاهدين.

وبحكم معرفتي بعلاقة سيديا ولد قطرب بحركة الشيخ عابدين، تساءلت في مقال سابق نشر في موقع "زهرة شنقيط"، بعنوان: "سيديا ولد قطرب، المهاجر عن سطوة الكولونيل وذُلِّ الكونيالية، على الرابط التالي: http://zahraa.mr/node/9956

" كيف هاجر ولد قطرب من واد درعة إلى تنبكتو؟ ولماذا كان موضع متابعة من الفرنسيين في أزواد؟

من المعروف لدينا أن سيديا ولد قطرب يعلم خضوع تنبكتو للسيطرة الاستعمارية منذ العام 1894، بحكم ارتباطه بمجموعات أزوادية مرابطة في واد درعة، تنفذ عمليات دورية ضد القوات الاستعمارية في أزواد، فلماذا إذن توجه إلى أزواد انطلاقا من واد درعة؟ هل ذهب في مهمة جهادية (مقاتل في "غزي"، أو مبعوث في مهمة سرية)؟ أم أنه سافر إلى أزواد في إطار مهمة عادية علمية أو تجارية؟ 
لكن لماذا كان ولد قطرب موضع متابعة من السلطات الاستعمارية في تنبكتو؟ هل حصلت السلطات الاستعمارية على معلومات عن مهمة سرية كان يقوم بها لصالح المجاهد الشيخ عابدين؟ أم أن الأمر إجراء احترازي عادي بعد علم السلطات الاستعمارية بعلاقاته بالمجاهد الشيخ عابدين وإقامته السابقة في مخيماته بواد درعة؟"

لكننا اليوم، وعلى ضوء معلومات ثمينة عثرنا عليها في مخطوط نادر لمؤلف أزوادي مجهول معاصر للمرحلة الاستعمارية، تناول تاريخ أزواد والبرابيش وحروبهم ودخول النصارى إلى تنبكتو، تأكد لدينا أن سيديا ولد قطرب جاء أزواد على رأس "غَزِّي" من المجاهدين قصد استهداف الفرنسيين وحلفائهم، ففي سياق سرد المؤلف للحروب بين المقاومة من جهة والإدارة الاستعمارية وحلفاؤها من جهة أخرى، ذكر بعض "الغزيان" التي كانت تُغِيرُ على أزواد، وفي مقدمتها غزيان الشيخ عابدين من قبائل أدومنيع والشعانبة وأولاد جرير وعريب، وأثناء سرده لتلك الوقائع ذكر ما يلي: «ثم صالت قوم أيضا على انكوم (اسم بئر) فتعرضت لهم البرابيش، فقتل منهم رجال وقبض واحد منهم اسمه سيدي، وهو قائد الجيش من أولاد ديمان، وسجن في تنبكت» ص 34، وتكرر في ص 37.

وقد كانت هذه العملية في العام 1915 كما يشير كاتب المخطوط، ومن الجدير بالذكر هنا أن البرابيش في هذه الفترة طائفتان: طائفة مقاومة يقودها سيدي محمد ولد امهمد، وطائفة أخرى موالية للإدارة الاستعمارية يقودها محمود ولد دحمان، وهي التي اصطدمت بالغزي الذي يقوده سيدي ولد قطرب، وكانت قوة "گوميات" البرابيش مكلفة بالتصدي لغزيان المقاومة، ولا يُخفي كاتب المخطوط انحيازه لجماعة محمود ولد دحمان، كما لا يُخفي موقفه المهادن للاستعمار والنافر من عمليات المقاومة، ومن ذلك أنه لا يذكر لنا  عدد الضحايا في صفوف الفرنسيين أو گوميات المتحالفين معهم في معركة أنكوم.

إن معلومة وجود سيدي ولد قطرب على رأس "غزي" يستهدف الفرنسيين وحلفائهم في أزواد؛ تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الرجل أصبح جزءا من حركة المجاهد الشيخ عابدين الكنتي، التي كانت عملياتها بالأساس تستهدف الوجود الاستعماري في هذا الإقليم. وأن ولد قطرب  تجاوز مرحلة الهجرة والأدب المقاوم إلى الانخراط المباشر في العمل المسلح، مما يعني أنه ربما شارك من قَبْلُ في عمليات عسكرية في موريتانيا أو في جنوب المغرب وحتى أزواد، ولا تزال هذه العمليات مجهولة لدينا، ومما يؤكد ذلك مكانته كقائد للغزي، ومن المعروف أن قوات الشيخ عابدين كانت تتميز- كما يقول النقيب "سلفي" -بالخبرة العسكرية؛ إذ تعتمد أسلوب حرب العصابات وبتعبير تقرير فرنسي كانت تقاتل على الطريقة الأوربية، ومن هنا فمن المستبعد أن يترقى سيديا ولد قطرب إلى مرتبة قائد غزي في أول مشاركة عسكرية له، لا سيما خلال سنوات الحرب العالمية الأولى، التي كانت سنوات الذروة في جهاد الشيخ عابدين، وكان أبناء القادة الكبار سيد الأمين وعلوات وحمه لم يستشهدوا بعد.

من المثير أن يقاتل سيديا ولد قطرب في أزواد، وأن يشترك شياخ ولد الشيخ عابدين في معارك أم التونسي مع ولد ميشان وولد العروصي، وفي توجنين مع محمد المأمون ولد الشيخ محمد فاضل، وأن يشارك المجاهد أحمد ولد أييه في معركة واد الساورة في الغرب الجزائري مع أبناء الشيخ عابدين، إنها وحدة القضية والمصير.

 

تصفح أيضا...