أصبح فيروس كوفيد-19 المعروف باسم كورونا المستجد، حديث العالم بلا منازع، فهو سريع الانتشار وقد يؤدي إلى الوفاة، مسببا الذعر لملايين البشر، وخاصة بعد أن صعدت منظمة الصحة العالمية تصنيفه من وباء إلى جائحة.
ولكن كما يؤكد كثير من الأطباء، فإن هذه ليست النهاية، فبالنظر إلى التاريخ العالمي، نجد أن البشر قد استطاعوا النجاة والاستمرار بعد انتشار أوبئة فيروسية أكثر شراسة من كورونا، ولكنها بالتأكيد غيّرت في مجرى التاريخ.
الإنفلونزا الإسبانية
ليس هو الفيروس الوبائي الأول ولن يكون الأخير، فقد سبقه وتلاه فيروسات وبائية عديدة، ولكنه كان أكثرهم شراسة على الإطلاق. انتشرت الإنفلونزا الإسبانية في خريف عام 1918 في أوروبا وبعض أجزاء أميركا وآسيا، ثم انتقلت بعد ذلك إلى كل أنحاء الكرة الأرضية تقريبا.
كانت أعراض الإنفلونزا الإسبانية تتشابه كثيرا مع أعراض الإنفلونزا الموسمية المعتادة، إلا أنها أكثر شراسة وأسرع انتشارا، حتى إن رقم المصابين بها قدر بنحو 500 مليون شخص حول العالم، أي ما يوازي ثلث تعداد الكرة الأرضية في ذلك الوقت، وتسبب في وفاة ما يقرب من 20 إلى 50 مليون شخص، ولكن لا يمكن التأكد من الرقم لأن الإحصائيات لم تكن دقيقة، حسب موقع هيستري.
لم يعرف وقتها السبب في شراسة هذا الفيروس الوبائي، غير أنه كان سهل العدوى، فقد كان ينتقل عن طريق الرذاذ الناتج من التحدث أو العطس وغيرها من الأفعال الاعتيادية.
لم يستطع العلماء وقتها تطوير لقاح للحماية والشفاء من الفيروس، لكنه انتهى ككل دورات حياة الفيروس في العالم، ففي صيف 1919 انتهى الوباء دون اكتشاف مصل، وكل الذين أصيبوا به انتهى بهم الأمر إما موتى إما أن أجسامهم كوّنت أجساما مضادة لمحاربة الفيروس.
الإنفلونزا الآسيوية
انتشرت الإنفلونزا الآسيوية (أتش2أن2) نهاية شتاء عام 1957 في الصين وشرق آسيا، ثم انتقل منها إلى أميركا في منتصف الصيف، وفي غضون أشهر قليلة تحوّلت الإنفلونزا إلى مرض وبائي استهدف الأطفال والحوامل وكبار السن، وبدخول الشتاء انتشر الوباء في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.
تتشابه أعراض الإنفلونزا الآسيوية مع أعراض الإنفلونزا العادية مثل الحمى والرعشة والكحة، ولكنها أشرس، وتقدر الوفيات بسبب هذه الإنفلونزا بنحو 2 مليون شخص في حوالي 18 شهرا فقط انتشر فيها المرض حول العالم.
كون الناجون من هذه الإنفلونزا أجساما مضادة للفيروس، وساهم هذا -بالإضافة إلى التوصل للقاح ضد هذا الفيروس- في تحجيم انتشاره والحد من عدد المصابين والمتوفين جراء الإصابة به.
إنفلونزا الخنازير
لم يكن وباء غابرا في التاريخ، فالجميع يتذكر الوباء الفيروسي "أتش1أن1"، الذي اشتهر باسم إنفلونزا الخنازير، ظهر في العام 2009، وانتشر في جميع أنحاء العالم مسببا ذعرا عالمي النطاق، فقد كان الفيروس يسبب أعراضا مشابهة لأعراض الإنفلونزا الموسمية التقليدية، ولكنها تصبح أكثر شراسة وتسبب الوفاة بنسبة أكبر.
بدأ الانتشار في ربيع 2009 من المكسيك، وانتقل منها إلى الولايات المتحدة الأميركية، وفي غضون أسابيع قليلة انتشر في مختلف دول العالم، لتعلن منظمة الصحة العالمية في الصيف أن البشر بصدد مواجهة وباء عالمي جديد، وبلغ عدد الوفيات ما يزيد عن 18 ألف شخص في أنحاء العالم.
بالملاحظة العلمية تبين أن هذا الفيروس لا يتسبب في تبعات مميتة للأفراد الذين تعدى عمرهم 65 عاما، وهو ما يعني أن جسمهم كون مناعة طبيعية منه بسبب إصابة قديمة بفيروس شبيه بالفيروس المحور الحديث، ولقاحات الإنفلونزا الموسمية لم تمنع أحدا من الإصابة بهذا الفيروس.
انخفض معدل الإصابة بالفيروس تدريجيا حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية في صيف 2010 أن الإصابة بالفيروس لم تعد وباء عالميا، رغم أن الفيروس لا يزال حتى الآن يصيب الكثيرين ومن الممكن أن يتسبب في الوفاة.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية