على وقع تزايد أعداد الوفيات بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في إيران، أثارت الصور المسربة من إجراءات دفن جثامين الضحايا ذعرا لدى الشارع من خطورة المرض الآخذ في التفشي، فما البروتوكول الإيراني للحد من انتشار الفيروس القاتل؟
فبعد أيام من تضارب الأنباء بشأن امتناع وزارة الصحة الإيرانية عن تسليم جثث الوفيات بفيروس كورونا إلی ذويهم وأخذها إجراءات الغسل والدفن على عاتقها، تحولت جميع الشائعات إلى يقين إثر تسرب عدد من الصور عن دفن الضحايا تحت تدابير مشددة.
وتظهر الصور أن عددا من الطواقم الطبية تقوم بدفن الجثث الملفوفة بغطاء بلاستيكي في حفرة تبدو أنها أكثر عمقا من القبور العادية دون حضور أي من ذوي الضحايا، وهو ما أثار الذعر لدى الرأي العام في إيران. كما تساءل ذوو الضحايا عن كيفية تغسيل الجثث وتكفينها.
بروتوكول خاص
من جانبه، أصدر رئيس دائرة المستشفيات والخدمات الطبية بوزارة الصحة الإيرانية رضا كلبيرا، توضيحا بشأن اتخاذ وزارته بروتوكولا صحيا لدفن الوفيات جراء الأمراض المعدية، وعزا سبب عدم تسليم الجثث لذويها إلى سرعة انتشار الفيروس إلى الآخرين.
ولم يكتفِ البروتوكول الإيراني بعدم تسليم الجثث إلى ذويها بل خصص قطعا في المقابر لدفن وفيات كورونا بعيدة عن القبور الأخرى، وفق ما كشف عنه رئيس مركز العلاقات والشؤون الدولية في بلدية طهران غلام حسين محمدي.
وأوضح المسؤول الإيراني أنه يتم لف الوفيات في المستشفيات بغطاء خاص ثم يتبنى ثمانية أشخاص مدربين -وفق البروتوكول- مهمة نقل الجثامين إلى المقابر عبر ممر بعيد عما يستغله الناس العاديون، ودفنها في الأمكنة المخصصة للوفيات بالأمراض المعدية دون إخراجها من الغطاء أو تغسيلها.
الرؤية الفقهية
وبالرغم من تأكيد محمدي أن إجراءات الدفن تجري وفق الشريعة الإسلامية مع مراعاة حرمة موتى الأمة، فإن تصريحه أثار ضجة بشأن وجوب غسل ودفن موتى المسلمين. فما الرؤية الفقهية بشأن وفيات كورونا؟
المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي أفتى بمراعاة أقل الواجب فيما يخص تغسيل وحنوط وتكفين وإقامة صلاة الميت (الجنازة) على وفيات كورونا، وإن تعذر ذلك بسبب سرعة انتشار الفيروس فلا بد من تيممها بدلا من الغسل وحنوطها وتكفينها ولو من وراء الغطاء ثم دفنها.
أما دار الإفتاء السنية بمحافظة كردستان غربي إيران، فأصدرت فتوى بجواز دفن وفيات كورونا دون تغسيل وتكفين، وذلك نظرا إلى احتمال انتقال الفيروس منها إلى القائمين على إجراءات التكفين والتغسيل وتهديد حياتهم للخطر.
تدابير صحية
ونشرت بعض وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالفارسية تقارير عن تطبيق البروتوكول، مؤكدة أنه لا مانع لدى السلطات الطبية من أن يلقي ذوو الضحايا النظرة الأخيرة على الجثمان في المستشفى وذلك بعد اتخاذهم تدابير صحية دون لمس الجثمان.
وتقوم السلطات الطبية الإيرانية بالحديث إلى كبير أسرة المتوفى عن مخاطر تسلم الجثمان، وتطلب منه التحكم بمشاعر الأسرة والتصرف بحكمة للحد من انتشار الفيروس، وهو ما لقي آذانا مصغية لدى الشعب الإيراني وفق مراقبين.
كما يعتبر البروتوكول كل ما يتبقى من المتوفى مثل الملابس على أنه مواد معدية لا بد من التخلص منها وفق القواعد الصحية المتبعة في البلاد.
ويشترط البروتوكول أن لا يقل عمق القبر عن مترين وأن يتم رش غطاء الجثمان بسوائل معقمة أو محلول الماء مع الكلس. كما يتم تعقيم سيارة الإسعاف وكل شيء يحتك بالجثمان حين نقله إلى المقبرة.
وتشهد إيران انتشارا متسارعا ومقلقا لفيروس كورونا، رغم الإجراءات الوقائية المعلنة، التي تشمل تعليق الدراسة في المدارس والجامعات.
وأعلن علي رضا رئيسي نائب وزير الصحة الإيراني ظهر الثلاثاء ارتفاع عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا في البلاد إلى 77، في حين بلغ عدد الإصابات 2336.
ومن بين الذين توفوا في الساعات الأخيرة بإيران عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام محمد مير محمدي (71 عاما)، الذي فارق الحياة في مستشفى بطهران، إثر إصابته بفيروس كورونا.
وأوضحت السلطات أن من بين المصابين 23 نائبا بالبرلمان، إلى جانب العديد من المسؤولين وعلماء الدين.
المصدر : الجزيرة