تزايد طلبات الصداقة وأعداد المتابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لن يغنيك عن حاجتك الأساسية للصديق الحقيقي في حياتك، فقد أظهرت أحدث الأبحاث أن الروابط الاجتماعية تقوي أجهزة المناعة وتساعدنا على النوم بشكل أفضل.
في تقرير بصحيفة "ذا تايمز" البريطانية، قالت الكاتبة جيني راسل إنه عندما خصصت ساعة المرأة لراديو "بي بي سي 4" برنامجا كاملا للتحدث عن الوحدة هذا الأسبوع، تلقت الإذاعة عددا هائلا من الرسائل حول الموضوع.
فقد شارك بالبرنامج متقاعدون وطلاب ومقدمو خدمات الرعاية والعاملون بوظائف جديدة في مدن جديدة والأمهات العاملات مع الأصدقاء والأزواج والأطفال والأشقاء، وكان عدد أولئك الذين اعترفوا بالشعور بالقلق الشديد أو الوحدة هائلا، إذ كان يمتلك بعضهم العديد من الأصدقاء على مواقع التواصل ولكنهم وحيدون بالحياة الواقعية.
وقد شعر معظم المشاركين في البرنامج بالخجل والإحراج من الاعتراف بالشيء الذي يفتقدونه في حياتهم، ومثل ذلك عجزا أو حاجة يجب أن يكونوا قادرين على تجاهلها.
ليست رفاهية
كان المشاركون يعبرون عن احتياجهم لإحدى الضروريات الأساسية للحصول على حياة صحية مرضية، ألا وهي الروابط الاجتماعية القوية.
بهذا الصدد، سلطت الصحفية الأميركية ليديا دينورث الضوء على أحدث الأبحاث حول مدى أهمية هذه الروابط في كتابها الجديد "الصداقة".
اكتشف علماء الأحياء الذين قابلتهم دينورث أن الصداقة كانت مهمة للبقاء على قيد الحياة حتى بين القردة، حيث توقع العلماء أن تكون مدة عيش الحيوانات التي أنجبت أكبر عدد من الأطفال أطول مقارنة بغيرها، ولكن انطبق ذلك على الحيوانات التي تفاعلت بشكل أفضل ومنتظم مع الحيوانات الأخرى. لذلك، لا تمثل الصداقة رفاهية يمكن الاستغناء عنها.
أضافت الكاتبة أنه إذا كنت لا تمتلك أصدقاء، قم بإنشاء صداقات جديدة، وذلك من خلال الانضمام إلى الأندية ومجموعات المشي والتحدث مع الغرباء وإخبار جيرانك بأنك بحاجة إليهم. في الواقع، تمثل هذه الاتصالات الأساسية نقطة الانطلاق لتكوين روابط اجتماعية جديدة.
ولكن، تعد هذه المحاولات على الرغم من ذلك مجرد تفاعلات اجتماعية، حيث إنه من غير المحتمل أن يكوّن الشخص علاقة صداقة حميمة بعد قضائه بعض الوقت مع مجموعة المشي.
ولا يمكنك العثور على الصداقات بسهولة بل عليك أن تنشئها، لكننا نادرا ما نتعلم طريقة فعل ذلك. ولهذا السبب توصي الكاتبة والمتحدثة شاستا نيلسون باتباع نهج مختلف.
ذكرت الكاتبة أن كتاب نيلسون الذي يطلق عليه اسم "فرينتيماسي" يمثل تحليلا رائعا لطريقة تكويننا للصداقات، حيث نتجاهل بسهولة أصدقاءنا ونتوقع بأننا نستحق أصدقاء أفضل منهم، أو أننا قادرون على إيجاد أصدقاء أفضل.
في بعض الأحيان تصبح الصداقات مملة، أو تنتهي بسبب تغيير أماكن العمل. وربما لا نحاول تطوير الصداقات التي نمتلكها ولا ندرس السبب وراء إحباطنا لبعضنا البعض.
صداقات قوية
لذلك، يمثل كتاب نيلسون دليلا لبناء صداقات جديدة وتطوير الصداقات القديمة. ولا يحتاج معظمنا إلى مزيد من الصداقات ولكن لصداقات قوية.
لا يمثل أصدقاؤنا الأشخاص الذين يروقون لنا، بل الذين نمتلك الوقت والرغبة لتطوير علاقتنا معهم، كما تمثل الإيجابية أساس الصداقات. ولتطويرها، تحتاج إلى التوافق والتعامل مع الأشياء البسيطة أولا، ثم المعقدة، وإظهار نقاط ضعفك. ولكن يعد إظهار ضعفك بمثابة انفتاح متبادل على وجهات النظر ودعم وفهم عيوب ومزايا ومشاكل ونجاحات بعضكم البعض.
وخلصت الكاتبة إلى أن العديد من الروابط مع الآخرين ستصل إلى نقطة طبيعية تتوقف فيها عن التطور.
ولكن يعد ذلك أمرا جيدا، لأننا نحتاج إلى عدد بسيط فقط من الأصدقاء المقربين، وليس عددا من البشر الذين يساهمون في زيادة شعورنا بالوحدة.
المصدر : الصحافة البريطانية