العَلمانية ليست عقيدة ولا إيديولوجيا، بل هي نمط حكامة أفرزه واقع الغرب التاريخي المغاير لواقعنا في أغلب تفاصيله ومفرداته وأحداثه، وغايتها أن تجعل من الدولة جهازا محايدا تتعايش في ظله كل الأديان والمعتقدات والآراء، وبهذا المعنى نحن لا نرفض العَلمانية بالمطلق كنمط حكامة ، وإن كان من حقنا أن نتساءل عن الضرورة التي تَستدعيها في بلدٍ كبلدنا، وحتى لا تكون هذه الدعوة إلى علمنة الدولة مجرد دعوة عمياء فلا بد لأصحابها من تقديم مبررات مُقنِعة لعلمنة الدولة الموريتانية في ظل مجتمع أحادي الدين وحتى المذهب، وفي ظل منظومة تشريعية وقانونية تمنع استخدام الدين لأغراض سياسية، وتمنع تأسيس الاحزاب على أسس دينية، وهي في عمومها شبيهة إلى حد كبير بتلك التي في الدول العلمانية، وتُمكن معالجة المآخذ عليها - وهي بلاشكٍ موجودة - من خلال آلية داخلية مرنة جدا ودون اللجوء إلى حلول صَادمة وصِدامية من مثل علمنة الدولة، خاصة وأن أغلب هذه المآخذ تتجلى في الحيز التطبيقي للمنظومة التشريعية.
ولذلك فإن من حقنا عليكم وبكل الصدق الذي تفرضه أُخوتنا، وبانفتاح لا حد له أن نسألكم :
لِمَاذَا عَلمَنَةُ الدَّولَةِ المُوريتَانِيةِ ومَا ضَرُورَتُها؟؟
كُلي آذانٌ صَاغِية.