في حديثه أمام مجلس شورى تواصل، أو ما تبقى منه، قدم رئيس الحزب المعارض صورة على مقاس المقام عن الأوضاع السياسية في الوطن بعد مضي "أكثر من عشرة في المائة" من مأمورية فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني... يثير حديث رئيس تواصل جملة من الإشكالات يتعلق أولها بوجاهة تقييم 60 شهرا اعتمادا على "قراءة متحيزة" لحصيلة 06 أشهر! فلم يشِع استخدام 10% إلا في عمولات الفساد، والفوائد الربوية. أما اعتمادها عينة ممثلة لخمس سنوات فهو من بدع تواصل التي عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى نهاية المأمورية.
طالب رئيس تواصل بمراجعة السجل الانتخابي، وإعادة تشكيل لجنة الانتخابات، لكنه أحجم عن المطالبة بتنظيم انتخابات سابقة لأوانها! لا غرابة في ذلك؛ فرئيس حزب تواصل يدرك أن "أنيميا الكوادر" التي يعانيها حزبه إثر نزيف "الراشدون، والمغاضبون، والمنافسون" أثرت على قدرة ما تبقى من الحزب على المنافسة، لذلك يجهز من الآن أعذار الهزيمة القادمة. ثم انتقل الرئيس إلى الحديث عن "تدوير الفساد" فلحنها على إيقاع شجي متجاهلا تشكيل لجنة برلمانية بطلب من المعارضة ينوب رئيسها أحد برلمانيي تواصل. لكن التجاهل لم يسعه حين تعلق الأمر بحكم "بإبطال قرار إداري سابق" لصالح منظمة الإنشاد التي عمل أمينا عاما لها!!! (وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين).
تحدث رئيس تواصل عن "التخندق في المحاور.. وشراء الذمم" متناسيا أن حزبه لا يخرج من فندق إلا ليلج آخر، وبثمن معلوم.. فقد كان، قبل فتنة الربيع ضيفا دائما على فنادق دمشق وطهران، وسراديب الضاحية الجنوبية، ثم لبى نداء "قم غادر!" ولما نزغ الشيطان بين الإخوة تغيرت مواقف القادة وفتاوى المشايخ لتصبح "عاصفة الحزم" عدوانا بعد أن كانت جهادا، ووجبت مقاطعة الإمارات بعد عقود من الزيارات طلبا للمعونات، وجمعا للزكوات!
أما الغيرة على السيادة الوطنية فهو من فاحش القول حين يصدر عن الفرع المحلي للتنظيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين.. فلا يزال الموريتانيون يتذكرون توبيخ عبد الفتاح مورو لكم.. ولا تزال صور استقبالكم لسلطان المسلمين ماثلة في أذهاننا جميعا، وحشود شبابكم أمام سفارة أجنبية استنكارا لقرار سيادي اتخذته حكومة بلادكم.. "انشغلوا بغير هذا!"
سكت الرئيس طويلا، ثم ابتسم لجمهوره.."جاتنِ حالتِ ذيكْ" والحالة، في العرف الشعبي، وتواصل حزب شعبوي، تعبر عن الحموضة التي تؤثر على سلوك وانفعالات المصاب بها. تتفاقم الحموضة حين تعالج بالأدوية المزورة فيفقد المصاب بها التركيز، والقدرة على التمييز بين الصور الذهنية المسيطرة على تفكيره، والوقائع الموضوعية. من هنا قول رئيس تواصل.. "زعامة المعارضة.. بعدني حولتها"، ثم ابتسم ابتسامته عند "جاتنِ حالتِ ذيكْ". كانت "غزة تلكوم" حاضرة في الذهن فهل كان التحويل داخليا بعد فرض المسافة، أم خارجيا رغم مخاطر "كرونا"!!!
تزامنا مع عمولة تواصل تذمرت المعارضة أخيرا من وقع الحصار! حصار أوصل قادتها إلى مجالس شنقيط العامرة، وحملهم إلى الصفوف الأمامية فوق منصة الاستقلال، وأدخلهم القصر الرمادي دخول الموالين... حصار مكن مهاجرتهم من تسنم الوظائف السامية في الجهاز التنفيذي، والقيادية في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وأعاد مفصوليهم إلى سابق مرتباتهم... كل هذا ولمّا يعترفوا بنتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها مرشحوهم، ويصفون رئيس الجمهورية في بياناتهم المترجمة برئيس الدولة!! ولم يعلنوا، حتى الآن، قبول استقالات قادتهم الذين أصبحوا قادة حزبنا!! فأي الفريقين أحق بالتذمر... يا معارضة المناصب والمكاسب!!!