فعلها الرئيس محمد الشيخ الغزواني، كما توقعناها، تماما... بلسان الحال والفعال نطقها: "غزواني مختلف".. وبخطوط الأمل العريض كتبها عنوانا بارزا لماموريته: "غزواني مختلف".. قراها الأعمى... وسمعها الأصم... حتى المرجفون المشككون المترددون؛ نكصوا على أعقابهم... ثم نكسوا على رؤوسهم، مرددين، وهم يلوذون بجحورهم: بلى! "غزواني مختلف"!!
"الأمان الاجتماعي الفوري" عنوان مختلف، لبرنامج مختلف، أطلقه رئيس مختلف، في يوم مختلف، فيه خرجت أولويات برنامج التعهدات من أدراج المكاتب وظلمتها، إلى وهج الشمس في أحياء الترحيل التعسة، وغادرت الوعود الانتخابية الملفات والرفوف، لتهبط ميادين الفعل والإنجاز، وارتحلت آمال الناس من دائرة الأقوال، إلى مربعات التجسيد الحي للأفعال، وفاقت التمويلات، والمجالات، والمستهدفون، كل التوقعات والأحلام، في المكان والزمان؛
واحد واربعون (41) مليار أوقية قديمة، تمثل حجم الإنفاق على التنفيذ الفعلي لعشرين (20) مشروعا تنمويا حيويا، لتحقيق العبور الآمن لفئات المواطنين المستهدفين، في أحياء الترحيل وأحزمة الفقر، وبؤر الهشاشة، والولوج بهم إلى خدمات التغطية الصحية، والكفالة المدرسية، وتحقيق الأمن الغذائي في حده الإنساني المقبول، وإقامة البنى التحتية الضرورية لحياة حضرية، بمقاييس عصرية، مع فك العزلة، وضمان بيئة حياة صحية، وإشاعة روح التكافل الاجتماعي؛
لنعرج بالمتابع على عنوانين اثنين من برنامج العبور هذا؛ عنوان التعليم، حيث تنشأ قبل نهاية العام الجاري (42) مؤسسة تعليم ثانوي، و(79) مدرسة ابتدائية مكتملة، و(474) فصلاً دراسيا، في مدراس قائمة، ومعهد تكوين مهنية بطاقة استيعاب 1200 طالب، مع توسعة مؤسسات التكوين القائمة، وزيادة منح الدعم للطلاب بخمسة آلاف أوقية قديمة، يستفيد منها شهريا (8000) طالب.
وليكن العنوان الثاني الصحة، حيث يتكفل برنامج الرئيس بمجانية علاج ذوي الدخل المحدود، وتكاليف متابعة الحمل، وعلاج الأطفال المرضى دون الخامسة من العمر، أيا كانت أمراضهم، ومجانية العلاجات المستعجلة والحجز الطبي، وتخفيض الكلفة الجزافية للحوامل بنسبة (55%) وعلاج ضحايا حوادث السير والوقاية الطرقية، ومجانية نقل المرضى بين الهيئات والمؤسسات الصحية،
بقية عناوين البرنامج، يتعلق بعضها بالتحويلات النقدية الاجتماعية، وخفض سعر الاشتراكات الاجتماعية في الكهرباء، ومراكز التغذية العلاجية للأطفال والأمهات، وتوزيع الأغذية المجانية، ودعم المقاولات النسوية، ومنح القروض لذوي الاحتياجات الخاصة؛ فبما يتعلق بعضها الآخر بالبيئة والطرق وجمع وتصريف النفايات، وإنشاء ساحات عمومية في مراكز المدن، ورصف الطرق والساحات العمومية في نواكشوط، وجميع عواصم الولايات.
جميل جدا، وهو شيء حدث لأول مرة، أن اختار الرئيس لخروجه إلى المواطنين حاملا بشائر الخير، وحقائب النماء؛ اليوم نفسه الذي وقف فيه الوزير الأول أمام البرلمان لعرض حصيلة عمل الحكومة، وبرنامجها المستقبلي، حيث يتسمر الوزراء والنواب والمسؤولون والمنتخبون والإعلاميون، لسماع ونقاش مضامين الخطاب، ويستقطب النقل الحي للحدث فيالق المداحين والمتزلفين والمصفقين والمتاجرين بالقبائل والعشائر والفئات والجهات والمبادرات والتيارات!!
بعيدا عن كل تلك الجلبة، وفي ساعة الذروة، وقف الرئيس بين المواطنين في المناطق الهشة، فخاطبهم في شانهم، وعن مصالحهم، وحدثهم عن حلمه لمستقبلهم، ووسائله لتحقيق متطلباتهم، وتصميمه على الإقلاع بهم؛ كل ذلك وهو ينظر أمامه فلا يرى غير الأسمال البالية، والأجساد شبه العارية، وينظر عن يمينه، فيرى شواهد الفقر والبؤس والشقاء، تستوطن الوجوه والطرقات والأعرشة والخيم، وأشباه البيوت، وينظر عن يساره فيرى الهشاشة، وقد تجسدت وحشا يفترس ضحايا الحيف والغبن .
كم هو جميل، حقا، أن يهبط ساكن القصر من عليائه، مرة بعد مرة، وعلى حين غفلة من الأتباع والأشياع، فيخالف إلى الضعفاء والمحرومين وحلفاء الهشاشة والفقر، في أعرشتهم وأخبيتهم وخيمهم، فيقدم لهم بعض حق طالما حرموه، وحيل بينهم وبينه، وغرر بهم في طريقهم إليه؛ ويقاسمهم، ولو لساعات ودقائق، بعض شعورهم، وجانبا من حرمانهم، وحالة فقرهم وعوزهم، وأن يكون ذلك في غيبة المتزلفين والمتملقين وسماسرة الضمير وتجار الولاء السياسي!!
تلك مجرد ملامح من برنامج الأمان الاجتماعي الفوري الذي ابتدعه الرئيس غزواني، وخاطب به الجماهير المستهدفة به، وهو بينهم، يوم كان وزيره الأول يقدم أمام البرلمان خطط الحكومة وبرامجها للنهوض الشامل بالبلاد للعام نفسه؛ وهي بادرة غير مألوفة، لكنها أوصلت العديد من الرسائل إلى السواد الأعظم من المواطنين، سواد الفقراء والمهمشين!!
أليس مختلفا، حقا؟ بلى إنه مختلف!!