مراسلون / هذا هو أصعب سؤال في هذه المرحلة لدى الموريتانيين ، فمعظمهم يصف رئيسهم الجديد بالغامض أو الكتوم أو الصامت و في بعض الأحيان يصفه خصوم له بالعاجز و الحائر..
و هو إلى ذلك لا يخلو من قوة تحت لين ، و من عزم و إن في تمهل و من صرامة و إن في بطء ، غير أن طريقته لم تلائم بعد حماس الموريتانيين للتغيير و التبديل و الإنجاز ..
يقول الرئيس عزيز لخاصته إن صديقه غزواني : لا يميل إلى التصرفات السيئة "الخاسر" و لا يرغب في إغضاب الناس و يصل إلى أن يقول إنه ضعيف الشخصية .. ، حيث يعتبر ما حصل من تباعد كان بفعل من يحيطون به و ليس بإرادة أو قناعة منه ..، حتى أن بعض المقربين من قصر " لكصر" يروجون أن عزيز يقول إنه يتصل عليه بهدف السلام و السؤال عن العائلة و في بعض الأحيان يروجون أن خلافهما نوع من التمثيل و التضليل و تبادل الأدوار في لعبة يتقنانها منذ زمن بعيد..
و بين تلك الأوصاف السيئة بالنسبة لحاكم لم يتجاوز عامه الأول و أوصاف أخرى تعتبره قويا و حكيما و صبورا استطاع أن ينتزع الحكم من سلفه دون أن يعرض أمن بلاده للخطر و صبر على المضايقات و الأذى حتى قوي عوده و استقر حكمه .... بين تلك النعوت و هذه المميزات لم يعد الموريتانيون يعرفون بماذا يفكر رئيسهم الجديد ؟
يقال إن غزواني لم يكن مستعجلا حتى تتشكل و تكتمل هوية حكمه و حتى ينتهي إرساء الدعائم الرئيسية لنظام قوي و هادئ و في هذا الإطار :
تم وضع اليد بالكامل على المخابرات و أمن الدولة و أجهزة التصنت و غيرها من الخلايا التي ظلت تشتغل أشهرا من حكمه لجهات أخرى
كما تم وضع اليد بالكامل على كتيبة بازب الرئيسية و تم استبدال قادتها و أهم ضباطها و حتى جنودها
و تم ترسيخ الانطباع أنه نظام تصالح و تسامح حيث استقبل قادة المعارضة في القصر الرئاسي و حظوا بالتقدير و التبجيل في مختلف المحافل و المناسبات
كما تم تحرير الجناح السياسي للنظام من خلال وضع اليد على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية و تم االدفع برجال غير محسوبين البتة على ولد عبد العزيز إلى الواجهة السياسية
و اليوم يتسائل الموريتانيون عن تفكير الرئيس في نقطتين هامتين تسييره لما بقي من صراع مع رفيقه السابق و تسيير للحكومة على مختلف الصعد ما ينفع الناس و ما يمكث في الأرض و قبل ذلك ما يؤدي إلى ارتياحهم و اطمئنانهم
في تقديرنا أن الرئيس الحالي يرغب في إرسال رسائل إلى صديقه السابق بضرورة التوقف عن المشاكسة و لعل توقيف محسوبين على السابق متهمين بإنتاج فيديوهات " النهج "المهاجمة للنظام يأتي في ذلك الإطار ، كما انتجت خلايا يعتقد أنها مقربة من الأمن فيديوهات " فضائح النهج " كطريقة للمعاملة بالمثل
و قد أهدت بعض الأطراف في المعارضة للنظام مثل " السيناتور محمد ولد غده " هدية كبيرة من خلال الوثائق التي بثت على قناة المرابطون و التي رمت حجرا في المياه الراكدة و بالتأكيد أن النظم يملك مئات الوثائق المشابهة التي تكفي إلى توريط مقربين من عزيز أو هو نفسه ..
و في هذا الصدد يبدو النظام عازما على مساعدة لجنة التحقيق البرلمانية و هو أمر سيفجر كثيرا من الملفات الشائكة التي تنسف كلما روجه الحكام السابقون
و على صعيد التغييرات يبدو الرئيس غزواني ما زال أسير تعيينات التدوير التي يراها قادة الجيش حكيمة ( فالقائد فيهم ما إن يقال من المكتب 1 حتى يعين على المدرسة العسكرية الفلانية أو ملحقا عسكريا أو قائد منطقة أو غير ذلك .. و لكن من النادر أن يحول إلى الاحتياطي )
و هو أمر لا يرغب فيه المدنيون فالإقالة عندهم تولد الراحة و تشعر بالتغيير و تخلق جمهورا جديدا لربما كان غاضبا و في سنن الحكم الحالية و السابقة كثير من الأمثلة على ذلك ، و لعل الإحباط الذي رافق التبادل الحكومي الأخير و الارتياح الذي لوحظ بعد تعيين مدير التلفزيون الجديد سيساعدان النظام على تجاوز هذه العقدة التي تضر بصورته من دون شك
و الأرجح أن يتخذ ولد غزواني إجراءات حازمة خلال شهري فبراير و مارس القادمين تكمل صورة نظامه و تلون الهوية الخاصة به .
و هو من دون شك أصبح أكثر عزما على المواجهة و ربما أقدر عليها غير أن أحدا لا يمكنه أن يعرف إلى أي حد ستصل ..و الأيام القادمة ستجيبنا فيما يخص مستوى تسارعها الذي لا يتعلق فقط بالنظام و إنما بمن يواجهه ..