يقول نيتشه : "إن معرفة الحقيقة تستدعي التزام الصمت وقتا كافيا .. لكنه لا يجوز لنا أن نعرف الحقيقة ونواصل الصمت ".
إن مصلحة الوطن تقتضي أن نلتف بكل قوة وحزم حول برنامج تعهداتي .. نحتاج فقط الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة لنغادر الفعل السياسي المبتذل الذي يسيطر على عقول من يمارسون السياسة بدافع المصالح الشخصية ، في حين أن الأصل في ممارسة الفعل السياسي يجب أن يكون بدافع المصلحة العامة المجردة .
إن ما أعلمه وأشهد به أن كل الرؤساء الذين تعاقبوا على رئاسة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ، وجميع المكاتب التنفيذية مروا عبر التعين المباشر من رئيس الجمهورية وليس الاقتراع ، وحتى مناديب المؤتمر كان يتم تعينهم ،مرورا بلجنة الإصلاح المشرفة على عملية الانتساب الأخيرة ، وصولا إلى المؤتمر الذي تم خلاله اعتماد لجنة تسيير الحزب الحالية التي تم تعينها بنفس الطريقة التي كان يعين بها رؤساء الحزب ، وربما من ضمنها من لم ينتسب للحزب أصلا .. إذن لا يمكن بحال من الأحوال تكييف الخرق القانوني الذي رفع شعارا رافضا لتدخل الدولة في شؤون الحزب .
إن أملنا في تصحيح مسار الحزب يحتم علينا أخذ جرعة من التفكير العميق والمصارحة والمكاشفة .. علينا أن لا نضيع لحظة تاريخية ومحطة حاسمة من تاريخ حزبنا الفتي وأن ندرك جيدا حجم المسؤولية الملقاة على عواتقنا كنخب حزبية تريد الإصلاح والمساهمة في مشروع البناء الوطني .
ليس عيبا أن نتدارك بعض الأخطاء التي وقعنا فيها دون قصد ، بل العيب كل العيب أن نضيع فرصة تاريخية لتصحيح تلك الأخطاء وملئ الفراغات الناجمة عن التردد والتشكيك ، ويقع العول الكبير في ذلك الجهد على عواتق النخبة السياسية المشرفة على تنظيم المؤتمر الوطني للحزب .
ولاشك أن التعقيدات التي تحكم العملية الديمقراطية والتناوب السلمي على السلطة ستلقي بظلالها على أعمال المؤتمر ، نظرا لتعودنا القفز الدائم على الأساليب والمسلكيات الديمقراطية ، مما يجعل نخبتنا الحزبية أمام فرصة تاريخية للمساهمة بشكل فاعل وقوي في بناء الدولة على أسس الشرعية الديمقراطية والقانونية وتحمل مسؤوليتها التاريخية وذلك عن طريق الانخراط بحماس وفاعلية في إثراء وتوجيه أعمال المؤتمر الوطني للحزب.
إن هذا المؤتمر يجب أن يؤسس فعليا لمرحلة جديدة من تاريخ الديمقراطية الحزبية شعارها الإصلاح وبناء الحزب على شرعية الانتماء للمشروع الوطني الذي يقوده رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني .. يجب أن تكون العقيدة السياسية لمنتسبي الحزب محكومة بشرعية الإنجاز والتضحية من أجل موريتانيا بعيدا عن المهاترات والنقاشات البيزنطية .
إن رجال السياسة إذا لم يكونوا شديدي الإحساس بوطنهم ومستعدون للتضحية من أجله ،فإنهم مجرد قرب مملوءة بالهواء تنفجر مع أول وخزة ..!
إن قوة العمل الحزبي مرهونة بتفعيل الآليات والأطر الحزبية حتى يتسنى للحزب أن يقوم بدوره كذراع سياسي للحكومة مدافعا وموجها لعملها وكل هذه الأمور محكومة بحجم الاستعداد والانضباط ، سبيلا إلى تكريس الديمقراطية والحكامة الرشيدة وبناء دولة المؤسسات .