عن تصحيح مخلفات الفساد :
تحدثت مع أخي وصديقي الخبير Sid'Ahmed Bouh عن الأخبار الواردة من مشهد تسيير الشأن العام وكل الفضائح المزعومة أو المثبتة وكان أن اتفقنا على هذه الخلاصة ويهمنا رأي الجميع.
لقد عانى هذا الشعب على مر تاريخه من ظلم بعض مسؤوليه و اعتدائهم المستمر على كرامته من خلال استيلائهم الممنهج على خيراته و مقدراته. فلم يجد يوما مصرخا و لم ينل قط حمية فنهب و سرق غدرا و خلسة في الظلام بتمالؤ فج من قبل ساسته و أصحاب أمره. اليوم وقد أصبح التكتم على هذه الأفعال مستحيلا مع توفر المعلومة و حجم الدمار أضحت مسؤولية الخيرين على المحك و صار سكوت أصحاب الضمائر الحية جرما يرقى إلى مستوى الخيانة و تحتم على الكل المطالبة بتصحيح المسار و السعي إلى إنصاف المحرومين من خلال استرجاع ما أمكن من المسروقات و تحصين ما تبقى من الموجودات فهذه أمانة كل واحد منا و مسؤلية حكامنا أمام الله و التاريخ. و في هذا الإطار بالذات نقترح أنا شخصيا و صديقي و زميلي سيد أحمد وبد ابوه خارطة طريق نراها المثلى من أجل إعادة الممتلكات إلى أصحابها :
- يناير 2020 : تشكيل لجنة مؤقتة من برلمانيين و خبراء مشهودي النزاهة و الكفاءة تعهد لها هذه المهمة و صياغة قانون يمنحها صلاحيات واسعة يسخر لها أجهزة الدولة الإدارية والمالية والأمنية للمساعدة عند الحاجة و يمكنها من الوصول إلى الملفات و الوثائق حتى و لو كانت على مستوى مؤسسات القطاع الخاص.
- منتصف يناير لغاية نهايته : إمدادها بالموارد البشرية الضرورية من موظفين و وكلاء بمعايير تضمن نوعية العمل و دقته.
- فبراير 2020 : صياغة خطة العمل وتكوين الموارد البشرية المسخرة عليها و توزيع المهام حسب التخصص و التوجه.
ينبغي على خطة العمل هذه أن تشمل تحديد الاختصاص الزمني لعمل اللجنة أولا ثم مكامن الخطر ثانيا فالشروع في استغلال تقارير هيئات الرقابة و التفتيش و معالجة محاضر لجان الصفقات و سلطة تنظيمها و جميع الوثائق و المذكرات و التقارير الصادرة عن القطاعات و الهيئات الهامة و التي تم تصنيفها ضمن دوائر الخطر.
و يمكننا هنا تحديد هذه الدوائر على سبيل المثال لا الحصر :
- الصفقات العمومية من مبلغ مليار أوقية فما فوق
- الضمانات المالية باسم الدولة
- تفويت العقارات العائدة ملكيتها للدولة
- الامتيازات الجبائية والجمركية على الأنشطة والواردات
- عقود المناولة للشركات و المؤسسات الوطنية كالشركة الوطنية للمناجم و الشركة الموريتانية للكهرباء و الموانئ و غيرها
- رخص التنقيب عن المعادن
- رخص الصيد
- عقود الاستغلال والولوج للثروة
تقوم اللجنة إثر ذلك بتكوين ملف متكامل و صياغة تقرير مفصل عن الخروقات الملاحظة و المسؤولين عنها و المستفيدين منها يتم تحويله إلى رئاسة الجمهورية و يتم عرضه على البرلمان.
و من أجل الحرص على مصداقية النتائج و جودة الاستنتاجات يتعين انتداب مكتب خبرة دولي للتدقيق في عمل الهيئة والمصادقة على نتائجه.
- يونيو 2020 حتى يوليو 2020 : الشروع في استعادة الممتلكات المنهوبة من أصول ثابتة ومنقولة ودفع قيمتها بحساب مؤقت في الخزينة مع تشجيع التسويات بالتراضي وإحالة الحالات المستعصية للعدالة (عدالة ينبغي أن تكون في مستوى التحديات).
- اغشت 2020 : قانون مالية معدل للتبويب على الموارد المتحصل عليها في هذه العملية
- إعطاء الأولوية في التبويب لوكالة التآزر ولقطاعي التعليم والصحة مع الحرص على حصرها في تشييد منشآت ذات نفع عام تظل شاهدة على عظمة العمل و قيمته.
- فتح المجال أمام التائبين كي يتمكنوا من إرجاع ما استولوا عليه مع ضمان السرية التامة من خلال فتح حسابات خاصة يمكن للمعنيين إرجاع الأموال فيها دون إلزامهم بإعطاء هوياتهم.
وهكذا تدخل البلاد مرحلة جديدة من تحصين المال العام وتنقية المناخ الاداري في جانبه المتعلق بتسيير الشأن العام حتى يعلم كل مسؤول أنه متابع ولو بعد حين.
من صفحة مولاي كواد مولاي على الفيس بوك