إن المتتبع لمستجدات الساحة الوطنية، ليدرك جليا أن البلد يمر بمراحل مفصلية في تاريخه. وإن روح المسؤولية تنادي كل وطني غيور إلى أن يأخذ بزمام المبادرة ويساهم من موقعه في وضع لبنة من صرح بناء رفعة الوطن وعزته، حتى يتشكل ذلك الطود الرفيع للوطن الذي نرنول إليه جميعا ونطمح إلى بلورة أسس بنائه.
وقد كنت أشرت في مقال سابق (بتاريخ 29 ابريل 2019) إلى أن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني (المرشح الرئاسي آنذاك) هو رجل المرحلة بامتياز وأنه الرجل الذي يمكن أن يحصل على أكبر إجماع وطني. وقد انعكس ذلك واضحا في التفاف الجماهير حوله حيث عبر الانتخابات من الشوط الأول.
ولو أن هذه المستجدات الأخيرة كانت حصلت في ظل حكم شخص آخر، لربما صارت لها تبعات لا تحمد عقباها تدخل البلاد متاهات لا أول لها ولا آخر. وقد أظهر فيها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني وأبان عن حزم وحكمة يؤكدان من جديد على أنه فعلا هو الرجل المناسب لهذه المرحلة من تاريخنا.
واليوم أريد أن أبعث من خلال هذا المقال برسالة إلى فخامة رئيس الجمهورية وإلى الحكومة. ولا أريد هنا أن أطالب بمحاسبة أو متابعة أي كان، فذلك أمر متروك تقديره للسلطات الموريتانية فهو من اختصاصها وهي أدرى بما ستفعل بشأنه. ولست هنا أيضا للمطالبة بالمحافظة على الثروة السمكية أو الثروة الاقتصادية أو الغاز، فقد وجدت هذه الأمور الكثيرين ممن طالبوا بها وإن كنت أحدهم. ولكني في هذا الظرف بالذات وفي هذه اللحظة الحساسة من تاريخ وطننا الغالي أريد أن أركز على مطلب واحد ووحيد موجه إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني وإلى الحكومة الموريتانية ألا وهو المحافظة على ثروة أخرى من نوع آخر هي ثروة المصادر البشرية. وهي الثروة المتمثلة في أطر وكفاءات موريتانيا الموجودين في جميع فئات المجتمع الموريتاني. فهذه ثروة بدأت في التبدد والتلاشي فأغلب هؤلاء الأطر إما غادر البلاد إلى المهجر في الخارج، أو بقي مهمشا في الوزارات والمؤسسات العمومية من قبل طبقات لا تسمح لهم بالتقدم.
ومن هنا نطالب بحماية هؤلاء ووضع الثقة بهم ورد الاعتبار لهم والمحافظة عليهم وعلى الأدوار الكبيرة التي يمكن لهم أن يؤدوها خدمة لوطنهم، الأمر الذي إن حصل سيعتبر ركيزة تنفيذ البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية حيث أولى أهمية كبيرة للمصادر البشرية. فالإنسان هو أصل التنمية ولا يمكن لتنمية شاملة أن تتحقق مالم تنطلق من التنمية البشرية.